بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
[س] ما تعريف السحر ، والحسد ، والعين ، في منظور الكتاب والسنة ؟ وهل هي حق ؟ (مع الأدلة)
[ج] ورد السحر في الكتاب والسنة ، متظافراً من الفريقين العامة والخاصة ، قال تعالى :
{يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَ ما أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبابِلَ هارُوتَ وَ مارُوتَ وَ ما يُعَلِّمانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّما نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُما ما يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَ زَوْجِهِ وَ ما هُمْ بِضارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّـهِ} (۱) .
وقال تعالى :
{فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَ اسْتَرْهَبُوهُمْ وَجاءوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ} (۲) .
وقال تعالى :
{قالَ مُوسى ما جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّـهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّـهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ} (۳) .
ومن السنة ما روي عن الإمام جعفر الصادق (ع) ، لما سأله الزنديق عن السحر ، قال (ع) :
«إن السحر على وجوه شتى وجه منها بمنزلة الطب ، كما أن الأطباء وضعوا لكل داء دواء ، فكذلك علم السحر ، احتالوا لكل صحة آفة ، ولكل عافية عاهة ، ولكل معنى حيلة . ونوع آخر منه خطفة وسرعة ، ومخاريق وخفة ونوع آخر ما يأخذ أولياء الشياطين عنهم .
قال : فمن أين علم الشياطين السحر ؟
قال : من حيث عرف الأطباء الطب ، بعضه تجربة ، وبعضه علاج .
قال : فما تقول في الملكين هاروت وماروت ؟ وما يقول الناس بأنهما يعلمان الناس السحر ؟
قال : إنهما موضع ابتلاء ، وموقع فتنة ، تسبيحهما : اليوم لو فعل الإنسان كذا وكذا ، لكان كذا وكذا ، ولو يعالج بكذا وكذا ، لكان كذا ، أصناف السحر فيتعلمون منهما ما يخرج عنهما ، فيقولان لهم إنما نحن فتنة فلا تأخذوا عنا ما يضركم ولا ينفعكم .
قال : أفيقدر الساحر أن يجعل الإنسان بسحره في صورة الكلب أو الحمار أو غير ذلك ؟
قال : هو أعجز من ذلك ، وأضعف من أن يغير خلق الله ، إن من أبطل ما ركبه الله وصوره وغيره فهو شريك الله في خلقه ، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا لو قدر الساحر على ما وصفت لدفع عن نفسه الهرم والآفة والأمراض ، ولنفى البياض عن رأسه ، والفقر عن ساحته» (۱)
ثم عقب الإمام (ع) أنه من أعظم السحر النميمة والفتنة بين المؤمنين بقوله :
«وأن من أكبر السحر النميمة ، يفرق بها بين المتحابين ، ويجلب العداوة على المتصافيين ، ويسفك بها الدماء ، ويهدم بها الدور ويكشف بها الستور ، والنمام أشر من وطئ الأرض بقدم ، فأقرب أقاويل السحر من الصواب ، أنه بمنزلة الطب ، إن الساحر عالج الرجل ، فامتنع من مجامعة النساء ، فجاء الطبيب فعالجه بغير ذلك العلاج فأبرء» (١) .
فالنميمة تفرق أكبر بكثير عن السحر ، قد تفسد أمة بأكملها ، أما السحر لا يتعدى صاحبه .