التداوي عن العين

التداوي عن العين


وقوله سلمه الله تعالى وما دواؤهما ؟


جوابه أن الدواء إما بالعقاقير والأدوية ، فإنها لا تمكن ولا تتداوى ، لأن تلك السميّة التي في العين ، تسبق تأثير كل دواء ، ولا يبقى للدواء معها أثر بالمرة ، فإذا لم يكن الدواء أقوى تأثيراً ، لا يصادم المرض البتة ، ولذا ترى أن الطاعون والوباء لا يؤثر فيهما الدواء غالباً ، لسبق تأثير السميّة عن تأثير الدواء ، ومنعها إياه عن التأثير ، اللهم إلا أن يكون أكسيراً حاضراً ، فيأكل منه المصاب مقدار الكفاية حتى يبرأ ، وإلا فغيره من سائر الأدوية فلا تقابل تأثيرها تأثيرها .


وأما الدواء بغير العقاقير فالأسم الأعظم ، أو حضور الإمام المعصوم (ع) ومسه بيده الشريفة ، أو دعاؤه له ، أو التداوي والاستشفاء بالآيات القرآنية ، ولاسيما قوله تعالى : {وَإِن يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا} (١) إلى آخر السورة ، يكتبها بالحروف المقطعة ، ويحملها معه ، وكذلك المعوذتين يقرأهما ويحملهما ، وقد روي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه كان يعوذ الحسن والحسين (ع) بهما كما في البحار وفيه أيضاً عن جعفر بن محمد (ع) قال : 

«كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يجلس الحسن (ع) على فخذه اليمني ، والحسين (ع) على فخذه اليسرى ، ثم يقول : أعيذكما بكلمات الله التامة ، من شر كل شيطان وهامة ، ومن كل عين لامة ، ثم يقول هكذا كان إبراهيم أبي يعوذ ابنيه إسماعيل وإسحاق ، وأن موسى (ع عوذ ابني هارون بهذه العوذة» (۲) وروى أن جبرائيل رقى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وعلمه الرقية وهي «بسم الله أرقيك من كل عين حاسد الله يشفيك» (۳) ، وروى أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أمر العاين أن يتوضأ ، وأمر المعيون أن يغتسل بذلك الماء .


وبالجملة اسم الله سبحانه دواء وذكره شفاء ، كما قال (ع) في الدعاء : «يا من اسمه دواء وذكره شفاء» (٤) .


وأما العين المصيبة فدواؤها متعذر ، بحسب العقاقير والأدوية ، من جهة العادة والأسباب الظاهرية ، التي أجرى الله سبحانه فعله عليها ، وإن كان الله سبحانه يفعل ما يشاء كما يشاء ، بالأسباب الخفية ، (لأنه سبب كل ذي سبب ومسبب الأسباب من غير سبب) (۱) يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد .


وأما الأسباب الظاهرة ، فمن جهة اعتياد الطبيعة ولزومها لها ، وصيرورتها لها كالطبيعة الثانية ، وحصول المزاج ، فلا تقتضي رفعها كالسميّة عن العقارب والأفاعي والحيات .


وأما التداوي بمواظبة ذكر الله سبحانه وتعالى ، عند استحسان شيء وإعجابه إياه فمؤثر جداً ، كما قال أبو عبد الله (ع) على ما رواه في البحار «أن العين حق وليس تأمنها منك على نفسك ، ولا منك على غيرك ، فإذا خفت شيئاً من ذلك فقل ما شاء الله لا قوة إلا بالله العلي العظيم ثلاثاً» (۲) .


وعنه (ع) قال : «من أعجبه من أخيه شيء فليبارك عليه فإن العين ما حق» (۳) 


وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : «من رأي شيئاً يعجبه ، فقال الله الصمد ، ما شاء الله لا قوة إلا بالله ، لم يضر شيئاً» (٤) ، وبمثل ما ذكرنا وأمثاله يندفع ضرر العين إن شاء الله تعالى .