بسم الله الرحمن الرحيم
[س] هل تختبر الأجساد قبل دخول الأرواح فيها ؟ (مع الأدلة) .
[ج] لا يوجد في عالم الإمكان والتكوين شيء ، لا يكون مختاراً وقابلاً للأمر والنهي كل على حسبه ، ومنهم الأجساد ، قال عز وجل :
{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّـهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّـهُ فَما لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّـهَ يَفْعَلُ ما يَشاءُ} (١) .
قوله تعالى أن الله يسجد له ، ثم يذكر الجماد من الجبال ، والحيوان من الدواب ، ومن الكواكب الشمس والقمر ، وقوله ومن في الأرض ، عام كل ما على الأرض مطلقاً ، وقوله سبحانه وكثير من الناس يسجد ، للإشارة إلى أن بعض الناس لا يسجد وهو العاصي مطلقاً ، فكل مخلوق مختار ، والمختار هو الذي يختبر للطاعة والمعصية ، ومنها الأجساد ، نعم الأرواح مخلوقة قبل الأجساد بألفي عام كما في الرواية عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، وإبراهيم بن هاشم ، عن عمرو بن عثمان الخزاز ، عن إبراهيم بن أيوب ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر بن يزيد ، عن أبي جعفر (ع) قال :
«بينا أمير المؤمنين (ع) في مسجد الكوفة إذ جاءت امرأة تستعدي على زوجها ، فقضى لزوجها عليها فغضبت فقالت : لا والله ما الحق فيما قضيت ، وما تقضي بالسوية ، ولا تعدل في الرعية ، ولا قضيتك عند الله بالمرضية ،
فنظر إليها ملياً ثم قال لها : كذبت يا جريئة ، يا بذيئة ، يا سلفع ، يا سلقلقية يا التي لا تحمل من حيث تحمل النساء ،
قال : فولت المرأة هاربة مولولة وتقول : ويلي ويلي ويلي لقد هتكت يا ابن أبي طالب ستراً "كان مستوراً" ،
قال : فلحقها عمرو بن حريث فقال : يا أمة الله لقد استقبلت علينا بكلام سررتني به ، ثم إنه نزع لك بكلام فوليت عنه هاربة تولولين؟
فقالت : إن علياً والله أخبرني بالحق ، وبما أكتمه من زوجي منذ ولي عصمتي ومن أبوي ،
فعاد عمرو إلى أمير المؤمنين (ع) ، فأخبره بما قالت له المرأة ، وقال له فيما يقول : ما أعرفك بالكهانة؟
فقال له علي (ع) : ويلك إنها ليست بالكهانة مني ، ولكن الله خلق الأرواح قبل الأبدان بألفي عام ، فلما ركب الأرواح في أبدانها ، كتب بين أعينهم كافر ومؤمن ، وما هم مبتلين ، وما هم عليه ، من سيئ عملهم وحسنه ، في قدر أذن الفارة ، ثم أنزل بذلك قرآنا "على نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال :
{إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ} فكان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) المتوسم ثم أنا من بعده ، والأئمة من ذريتي هم المتوسمون ، فلما تأملتها عرفت ما فيها ، وما هي عليه بسيمائها» (۱) .
وفي البصائر للشيخ الصفار قال : حدثنا إبراهيم بن هاشم عن عمرو بن عثمان عن أبي محمد المشهدي من آل رجاء البجلي عن أبي عبد الله (ع) قال :
«قال رجل لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) يا أمير المؤمنين أنا والله أحبك
فقال له : كذبت
قال بلى والله إني أحبك وأتولاك ،
فقال له أمير المؤمنين كذبت ،
قال سبحان الله يا أمير المؤمنين أحلف بالله أني أحبك فتقول كذبت
قال : أوما علمت أن الله خلق الأرواح قبل الأبدان بألفي عام ، فأمسكها الهواء ، ثم عرضها علينا أهل البيت فوالله ما منها روح إلا وقد عرفنا بدنه ، فوالله ما رأيتك فيها ، فأين كنت ، قال أبو عبد الله (ع) كان في النار» (۱) .
فالأجساد تختبر قبل قبولها الأرواح ، فكل جسد خاص بروح خاصة ، والكل منهما الروح والجسد اختار الآخر ، والكلام في الاختيار كثير لكن هذا ملخصة ، واللبيب تكفيه الإشارة .