هيمنة الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) على العالمين

خادم الشريعة الغراء آية الله المعظم المجاهد 

الحاج ميرزا عبدالرسول الحائري الإحقاقي قدس سره


هيمنة الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) على العالمين


بسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيم


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين حبيب قلوبنا وطبيب نفوسنا أبي القاسم محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين الذين اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ، واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين آمين رب العالمين .


عن المعصوم (ع) : «نزهونا عن الربوبية ، وقولوا فينا ما شئتم ، ولن تبلغوا» . مشارق أنوار اليقين ص ٩٦


إن قصة المعراج تثبت إحاطة علم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، وهيمنته على جميع العوالم الإمكانية ، وشرفه على جميع الأنبياء ، والمرسلين والملائكة المقربين ومع ذلك فهو عبد مطيع ، ومحتاج إلى حضرة ذي الجلال ، ونموذج قدرته السامية ، وإحاطته اللامتناهية .


فقولهم عليهم السلام : «نزهونا عن الربوبية ، وقولوا فينا ما شئتم ، ولن تبلغوا» منسجم مع الأدلة والبراهين المحكمة .


فما عسى المرء أن يقول تجاه هذا المقام المنيع


أجل غاية ما نستطيع قوله في شأن المعصومين عليهم السلام أنهم عالمون بالغيب ، وعلمهم حضوري وإحاطي ، وقد جرى بحث مفصل ، واستدلالات عميقة ، حول هذه المسألة ، بينما مسألة المعراج ، تحل الإشكال ، وتأتي بالجواب القطعي لماذا لأن صاحب المعراج شاهد جميع زوايا الوجود ، بعينيه اللتين في رأسه ، فلا يبقى مجال للعلم الإرادي .


في هذا التجوال المبارك ، لم يبق مكان حتى يخفى على الرسول صلى الله عليه وآله وسلم


ويأتي دور السؤال : هل يعلم أو يعلم ؟ إن 


أشد المسائل غوراً في الغيب الجنة والنار ، ومع ذلك فقد شاهدهما رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في أثناء المعراج وحكمي طرفاً من أخبارهما للأصحاب بعد ذلك


لقد أخبر بوجود بعض الناس في النار رغم أنهم كانوا أحياء في عصره ، فالمسألة تجاوزت طي الزمان أيضاً ، فلم يبق موضع يغيب عن ناظريه .


فمهما نقول في حق هؤلاء لا نزال مقصرين عن اللحوق بشأنهم ، ولذلك قالوا عليهم السلام : «ولن تبلغوا» 

أجل لا يبلغ أحد وصف الحقيقة


هل نستطيع إذن أن نفهم سر المعراج ؟

واستيعاب السرعة الهائلة في هذا السر والسلوك ؟ 

وهل نتوصل إلى الهدف والأسرار التي تفوق الوهم ، والخيال ؟ 


غاية ما تقوله : إنهم ليسوا آلهة ، ولا يشاركون الله تعالى في فعله ، ولا يفعلون شيئاً من دون إذن الله جل وعلا ، بل إنهم عبادٌ مقربون ، ومظاهر للصفات الربوبية والسفراء بين الله والبشر ، لا يستقلون بأمر مطلقاً 

{بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ ، لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَ هُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ


وهذه هي العقيدة الصحيحة ، والنمط الأوسط الذي يختلف عن عقيدة الغالين ، ومذهب القالين .