المراد بـ (وحدة الوجود) وحال من يعتقد بها ؟

العلامة الكبير فقيه أهل البيت الحكيم الكبريائي 

مولانا الحاج ميرزا موسىٰ الإحقاقي الإسكوئي قدس سره


المراد بـ (وحدة الوجود) وحال من يعتقد بها ؟


السؤال التاسع : عن المراد بـ (وحدة الوجود) وحال من يعتقد بها ؟

الجواب :


أقول : وان لم يكن لي فراغ للتفصيل ومجال للتطويل لكن لابد للمسئول من البيان والتوضيح ولو بطريق الأشارة والتلويح . 


فاعلم ، ان العبارة الصريحة عن مقصود من يقول بوحدة الوجود حتى يعرفه كل احد : 

ان الحق سبحانه مادة كل شيء كالخشب اذا جعل بابا وسريرا وصنها وضريحا . 


فالخشب هو وجود الحق و (الصورة) الطارية للخشب عند تنزله كالبابية والسريرية وغيرهما من ساير الأفراد والأشياء التي لحقتها (الغيرية) بتنزل (الوجود الحق اليها) . 


بعبارة مختصرة فالخشب وجود (الحق) والصورة العارضة هي العبد ، ولذا قال قائلهم : 

«انا الله بلا انا» يعني اذا رفعت الانانية العارضة التي هي العبد لا يبقى الا الوجود الصرف فالذي هو وجود الحق .


انظر الى كلام ابن عربي في (فتوحاته) حيث يقول : 

صلوة العصر ليس لها نظير 

لظم الشمل فيها بالحبيب 

هي الوسطى لامر فيه دور 

محصلة على أمر عجيب 


ويوضح هذا المعنى عبد الكريم الجيلاني في (انسانة الكامل) في بيان اسم الله حيث يقول : 

«فاستدارة راس الهاء اشارة الى دوران رحى الوجود الحقي والخلقي على الانسان فهو في عالم المثال كالدائرة التي اشار بها اليها ، 

فقل ما شئت ، إن قلت : الدائرة حق وجوفها خلق 

وان شئت قلت : الدائرة خلق وجوفها حق فهو حق» .


 (۱) «... وهو مبني على القول بوحدة الوجود الممنوع من اعتقادها شرعا ويريدون بها (اهل التصوف) ، ان الوجود هو الوجود الحق وحده وليس شيء غيره . 

واما ما ترى من هذه الكثرات فهي اوهام . 

فالشيء مركب من وجود الله تعالى ومن مشخصات وهمية ولا شك في فساد هذا الاعتقاد وبطلانه بل القول به كفر ، 


وانما الحق ان وجودات الاشياء محدثة اوجدها الله لا من شيء ، فالشيء مركب من وجود مخترع ومن ماهية مجهولة محدثة وهي ان الحوادث بجميع أكوانها من (وجود)(۲) و (ماهية) (۳) و (مشخصات) كلها في نفسها من حيث هي مستقلة ثابتة بأمر الله لا بنفسها ، قائمة بأمره سبحانه (قيام صدور) (٤) لا (قيام عروض) (٥) ، والله سبحانه منزه عن جميع ذواتها وصفاتها وأحوالها ليس فيها وليست فيه ، ولا بائن منها بينونة عزلة . 


ولقد اشار أستاذهم مميت الدين ابن عربي الى هذا المعنى في فتوحاته المكية في اول الباب المائتين واحدى وثمانين منها في قوله : 

صلوة العصر ليس لها نظير  

لظم الشمل فيها بالحبيب 

هي الوسطى لأمر فيه دور 

محصلة على أمر عجيب 


قال في الاشارة الى معنى هذا البيت ما معناه انه قد كان حق لا خلق فيه وخلق لاحق فيه جمعا وعصر منهما الانسان فالانسان حق وخلق .


ومثل ذلك ما ذكره في الفصوص حيث قال : 

فانا اعبد الله حقا 

وانا الله مولانا 

وانــا عـــيـنه فاعلم 

اذا ما قيـل انـســانـــا 

فلا تحسب بانسان 

فقد اعطاك بــرهـانــا 

فكن حقا وكن خلقا 

تكن بــالـــله رحمـــانــا 


إلى آخر كلامه ، فانه صريح بالاتحاد ، وان الاتحاد لا يريدون به صيرورة الشيئين شيئا واحدا بل يريدون ان الوجود واحد قد تعرض له الصور والأعراض وهي موهومة ، فالوجود في الحق والخلق واحد ، تعالى الله عما يقول الجاحدون علوا كبيراً . . . »