تابع / الإجابة على الإعتراض السابع في خصوص الولاية الكلية للمعصوم (ع)

خادم الشريعة الغراء آية الله المعظم المجاهد 

الحاج ميرزا عبدالرسول الحائري الإحقاقي قدس سره


تابع / الإجابة على الإعتراض السابع في 

خصوص الولاية الكلية للمعصوم (ع)


  • ولنرجع الآن إلى هؤلاء القوم المعاندين

إنهم ينكرون الولاية التكوينية للأئمة المعصومين (ع) ، فلنبحث في أقوالهم ، والمفاسد التي تغلف تلك الأقوال :


يقولون : إنَّ جميع الأنبياء والأئمة الطاهرين (ع) ، وحتى الرسول الأكرم (ص) ، كانت لهم الولاية التشريعية ، ولم تكن لهم الولاية التكوينية ، ومعنى ذلك : أن وظيفتهم هي أخذ الأحكام وشرائع الدين من جبرئيل (ع) ، وإبلاغ الناس بها ، لأن الولاية التشريعية عبارة عن تعليم الناس ما هو باطل أو صحيح ، حسب أحكام الشرع المقدس ، وفي رأيهم أنه لم يكن للنبي ، ولا للإمام وظيفة أخرى ، غير ما ذكر أعلاه .


ونقول في الجواب : إنَّ الجميع يعلمون أن العلماء ، والمجتهدين ، ومراجع التقليد ، عند الشيعة ، ورجال الإفتاء عند السنة ، لهم هذه الوظيفة ، وإن عليهم العمل بها .


ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو : إنه إذا كانت وظيفة الأنبياء ، والأئمة الطاهرين (ع) ليست إلا التعليم فقط ، فما هو الفرق بين الأنبياء ، والمجتهدين ، ومراجع التقليد ؟


ونظن أن جوابهم سيكون بأن الأنبياء والأئمة الطاهرين (ع) ، هم المجموعة الأولى في إيصال الأحكام ، والأوامر الإلهية إلى الناس ، وأن المجتهدين ، ومراجع التقليد هم المجموعة الثانية ، في هذه الوظيفة ، وليس هناك أمر إلا من حيث التقديم والتأخير في الوظيفة لا غير .


وفي اعتقادهم أنَّ الرسول الأكرم (ص) ، كان يتلقى ، مسألة أو حكماً ، ، من جبرئيل (ع) ، ثم يتعلمه ، وينفذه هو ، وبعد ذلك يعلم الآخرين


فليس من فرق بين الرسول الأكرم (ص) ، وباقي الناس ! وهكذا في بقية المسائل ، وأحكام الدين


وعلى هذا الأساس يبدلون مقام النبوة الشامخ ، والإمامة العظيمة ، إلى وظيفة علمية تشريعية بحتة ، وينفون مزايا النبوة والإمامة


ويحولونها بزعمهم ، إلى مسألة تعليم بسيطة ، تشبه وظيفة رجل معمم ، يقوم بالتبليغ في قرية ، أو في حي من أحياء المدينة ، في حين أن الأنبياء يتعلمون أحكام الدين من جبرئيل (ع) ، وأن العلماء يتعلمون من الأنبياء (ع) !


ألا ترى أن هذه العقيدة باطلة ، نصاً وروحاً ، حيث أن هؤلاء المعاندين الجاهلين ينفون مزايا النبوة عن الأنبياء ، خصوصاً عن الرسول الأكرم (ص) ، وحسب زعمهم يجب أن نشطب بالأحمر على كثير من آيات القرآن الكريم ، وكثير من الروايات والأخبار الإسلامية الصحيحة المنقولة عن النبي (ص) ، والتي تؤكد تميز الأئمة المعصومين (ع) على جميع المخلوقات ، وحتى الملائكة .


وفي الحقيقة ، أنه ليست هناك أمـة ، حتى اليـهـود والنصارى ، أو أخواننا السنة ، تنزل درجة النبوة والإمامة إلى هذا الدرك من الإنحطاط الذي يساوي بين النبي العظيم (ص) والأئمة الطاهرين المعصومين (ع) ، وبين الفقهاء والعلماء ومـراجـع الإفتاء !؟


وهذا التفكير هو عبارة عن رأي جديد، وعقيدة جديدة لأمثال هؤلاء القوم ، بسبب عنادهم وعدائهم لأهل البيت (ع) ، وللرسول الأكرم (ص) ، بغية توجيه الضربة القاضية لأساس الدين الإسلامي الحنيف ، والقرآن الكريم ، وذلك عن طريق إنزال الرسول الأكرم (ص) ، والأئمة المعصومين الأطهار (ع) ، عن مقامهم الشامخ المقدس .


ولا نظن أن المفكرين ، وأهل البصيرة النافذة من المسلمين ، لا يعلمون مصدر هذه العقيدة الفاسدة ، وكيفية انتشارها ، خيانة بالإسلام ، ونشر الأباطيل التي تؤدي إلى التفرقة والتباغض .


نعود فنقول لهؤلاء الجاهلين : إنكم إذا جعلتم النبي (ص) ، والإمام (ع) ، مبلغاً ، ونبياً بسيطاً لا يتميز عن غيره ، وليس للنبي (ص) ، والإمام (ع) ، سوى وظيفة التبليغ فقط ، أفلا تؤمنون بوجود الإمام الثاني عشر ، الحجة بن الحسن العسكري ، أرواحنا له الفداء ، وأنه حي حي يرزق ؟!


إن اعتقدتم بوجوده الشريف المبارك ، واعترفتم أنَّ هذا العصر هو عصر الغيبة الكبرى ، وأنَّ تبليغ أحكام الدين تقع على عاتق الفقهاء ، ومجتهدي وعلماء الإسلام ، بسبب الغيبة ، وأنه ليس هناك من يدعي أنه يرى ولي العصر ، ويسأله عن مسائل الدين ، وبناء لذلك فعلى جميع المسلمين أن يراجعوا العلماء المجتهدين ، ومراجع التقليد ، بشرط العدالة ، وحيازة شرائط الاجتهاد ، لتحصيل أمور دينهم ، وأحكام الشريعة الإسلامية المقدسة .


إذا كنتم تعتقدون بكل هذا ، وكان النبي (ص) والإمام (ع) ، لا يملكان الولاية التكوينية بزعمكم ، والولاية التشريعية في زمن غيبة الإمام (عج) واقعة على عاتق المجتهدين والمراجع في الإفتاء ، وأنّهم المسؤولون عن تبليغ الأحكام الإلهية


إذا كنتم تعتقدون بذلك ، فما هي وظيفة الإمام المنتظر (عج) ؟ وإذا لم يكن لهذا الإمام (ع) أية وظيفة في هذا العالم ، ولا يفيد شيئاً بزعمكم ، فلماذا أبقاه الله الرؤوف ، الرحيم ، حياً ألف سنة ، والإعتقاد بكونه حياً ، وأن الإمام المنتظر (عج) من ضروريات مذهب الشيعة الاثني عشرية ؟!


وفي النهاية ، وبحسب ادعائكم : إنَّ إماماً لا يملك الولاية التشريعية ، ولا الولاية التكوينية ، ولا وظيفة خاصة له ، فلماذا يبقى حياً على خلاف العادة ؟ أليس هذا خلاف العقل ، والمنطق والحكمة ؟ وبالتالي : أليس هذا اعتراضاً على الباري ، جـل وعلا ؟


فلم يبق أمامكم إلا أحد طريقين : إما أن تنكروا أصل النبوة ، والإمامة ، والتوحيد ، والحكمة الإلهية ، وإما أن تنكروا وجود الإمام الحجة بن الحسن (عج) ، ولي العصر ، وإمام الزمان ! ومن البديهي أن هذين الطريقين ينتهيان إلى طريق مغلق ، أو إلى الكفر !


وتأسيساً على هذا يجب أن تعترفوا أنكم تسيرون في طريق باطل ، غير مستقيم ، وتقطعون بأباطيلكم جذور الدين والعقائد الإسلامية ، من غير أن تفهموا أو تشعروا بما تريدون .


ويجب أن تعترفوا بأنَّ إنكار الولاية التكوينية للأنبياء ، والأئمة الطاهرين (ع) ، هو كفر وإلحاد يؤديان إلى الفساد ، وظهور العقائد الفاسدة الباطلة


ولا مخرج لكم من ذلك إلا الإعتراف بالولاية التكوينية الخاصة بالنبي (ص) ، والأئمة المعصومين (ع) ، والإمام الثاني عشر ، الحجة بن الحسن (عج) ، على وجه الخصوص .


نعم إنَّ وظيفة النبي والإمام ، ليست فقط وظيفة تعليمية لمسائل الدين ، بل للإمام ، وعلاوة على وظيفته ، أو ولايته التشريعية التي هي أول درجة الإمامة ، له الولاية التكوينية .


إن بقاء الإمام الثاني عشر (عج) حياً ، ليس فقط لتعليم مسائل الدين ، بل نقول : إنَّ بقاء العالم مرتبط ببقاء الإمام بأمر الله تبارك وتعالى ، حسب قوله : "لو بقيت الأرض بغير إمام لساخت" ، أي فنيت الأرض ، وفني أهلها ، وإن معنى الولاية الكلية والتكوينية المطلقة هذا المعنى ، وأنتم أيها الفقراء الضعفاء غافلون عنها !!


١ - ذكر المرحوم الشيخ عباس القمي (ت ١٣٥٩ هـ) ، في كتابه (مفاتيح الجنان) في (دعاءالعديلة) الذي هو من الأدعية المشهورة ، يقول في حق الإمام الثاني عشر ، ولي العصر ، أرواحنا له الفداء

"الَّذي بِبَقائِهِ بَقيَت الدُّنيا ، وَبيُمنِهِ رُزِقَ الوَرى، وَبِوُجودِهِ ثَبَتَتِ الأرضُ وَالسَّماءِ" .


٢ - وعن أبي القاسم حسین بن روح ، رضي الله تعالى عنه ، النائب الخاص للحجة (عج) أنه قال : زر أي المشاهد ، كنت بحضرتها في رجب ، تقول :

"الحَمدُ للهِ الَّذي أشهَدَنا مَشهَدَ أوليائِهِ في رَجَبٍ . . . "

إلى أن يقول في مقام ولاية الأئمة الطاهرين : "... أنا سائِلُكُم وَآمِلُكُم فيما إلَيكُم التَّفويضُ وَعَلَيكُم التَّعويضُ ، فَبِكُم يُجبَرُ المَهيضُ وَيُشفى المَريضُ وَما تَزدادُ الأرحامُ وَما تَغيضُ . . ." .


٣- الدعاء الخامس في شهر رجب : روى الشيخ الطوسي : أنه خرج هذا التوقيع الشريف من الناحية المقدسة ، على يد الشيخ الكبير ، أبي جعفر ، محمد بن عثمان بن سعيد (رضي الله عنه) : أدعُ في كل يوم من أيام رجب :

"اللهُمَّ إنّي أسألُكَ بِمَعاني جَميعِ ما يَدعوكَ بِهِ وُلاةُ أمرِكَ المَأمونونَ عَلى سِرِّكَ المُستَبشِرونَ بِأمرِكَ الواصِفونَ لِقُدرَتِكَ المُعلِنونَ لِعَظَمَتِكَ، أسألُكَ بِما نَطَقَ فيهِم مِن مَشيَّتِكَ فَجَعَلتَهُم مَعادِنَ لِكَلِماتِكَ وَأركاناً لِتَوحيدِكَ وَآياتكَ وَمَقاماتِكَ الَّتي لا تَعطيلَ لَها في كُلِّ مَكانٍ يَعرِفُكَ بِها مَن عَرَفَكَ، لا فَرقَ بَينَكَ وَبَينَها إلاّ أنَّهُم عِبادُكَ وَخَلقُكَ فَتقُها وَرَتقُها بيَدِكَ بَدؤُها مِنكَ وَعَودُها إلَيكَ، أعضادٌ وَأشهادٌ وَمُناةٌ وَأذوادٌ وَحَفَظَةٌ وَروَّادٌ فَبِهِم مَلأتَ سَمائَكَ وَأرضَكَ حَتّى ظَهَرَ أن لا إلهَ إلاّ أنتَ . . . " .


ولا يحتاج هذا الدعاء إلى إيضاح ، فإن معناه واضح لمن يعرف اللغة العربية ، وقادر على القراءة ، وهو من الأدعية التي تقرأ في كل يوم من أيام شهر رجب ، بالإخلاص الكامل ، لأن هذا الدعاء قد ورد عن الإمام الحجة ، أرواحنا له الفداء ، وهو يحوي معاني ، ومضامين عالية ، يطلب الداعي بها التقرب إلى الله ، جل وعلا .


وبعد أن قرأت الدعاء ، وعرفت أنه خرج من بين شفتي الإمام الغائب (عج) ، وهو إمام زماننا ، وأن الشيخ الكبير أبـا جعفر ، محمد بن عثمان بن سعيد (رضوان الله عليه) نقله عن الإمام الحجة (ع) ، وأن شيخ الطائفة المرحوم الشيخ الطوسي ، أعلى الله مقامه ، وسائر العلماء والمشايخ العظام ، نقلوا هذا الدعاء ، وذكروه في كتب الشيعة ، الإثني عشرية ، منذ أكثر من ألف سنة ، وقرأوه ، وعند قراءته ، لاحظوا كيف أن الإمام الحجة (عج) يثبت الولاية التكوينية العامة المطلقة ، للأئمة المعصومين (ع) . 


وفي الحقيقة ، إن من ينكر مضامين هذا الدعاء ، كمن ينكر وجود الإمام المنتظر الحجة بن الحسن العسكري ، أرواحنا له الفداء ، وجميع علماء وفقهاء الشيعة ، ومراجع التقليد ، وإن الحكم على مثل ذلك الشخص ، في نظر العقل والشرع ، معلوم : "الراد عليهم ، كالراد على الله"


٤- (كمال الدين تمتم النعمة) ، للشيخ الصدوق (رضي الله عنه) ، عن إسحاق بن يعقوب في رسالة موقعة بتوقيع الإمام ، ولي العصر ، أرواحنا له الفداء ، أرسلت إلى إسحاق بن يعقوب ، يقول فيها الإمام بشأن انتفاع الناس من وجود الإمام ، في أيام الغيبة الكبرى ، حيث يشير في الرسالة إلى الولاية العامة المطلقة ، وتصرفه في المخلوقات ، حين يقول :

"… وأمــا وجـه الانتفاع بي في غيبتي ، فكالإنتفاع بالشمس إذا غيبتها عن الأبصار السحاب ، وإني لأمان لأهل الأرض كما أن النجوم أمان لأهل السماء …" .


فكما تكون الشمس نافعة لجميع الموجودات والمخلوقات ، على سطح الأرض ، ولو غيبتها السّحب ، عن الأبصار ، فكذلك أنا أكون كالشمس ، سبباً لإيصال الرحمة الإلهية ، والبـركـات الغامرة ، من طرف الباري ، جل وعلا ، إلى جميع العباد ، والمخلوقات كافة ، ولو كنت غائباً عن الأبصار وأن الناس محرومون من رؤيتي .


٥ - (الاحتجاج) للشيخ الطبرسي : في رسالة موقعة من جانب الإمام الحجة ، ولي العصر ، أرواحنا له الفداء ، أرسلت إلى الشيخ المفيد  (رضوان الله عليه) يقول الإمام (عج) فيها :

"نحن وإن كنا نائين ، بمكاننا النائي عن مساكن الظالمين ، حسب الذي أراناه الله تعالى لنا من الصلاح ، ولشيعتنا المؤمنين في ذلك ، ما دامت دولة الدنيا للفاسقين ، فإنَّا نحيط علماً بأنبائكم ، ولا يعزب عنا شيء من أخباركم"

 إلى أن قال (ع) : "إنا غير مهملين لمراعاتكم ، ولا ناسين لذكركم ، ولولا ذلك لنزل بكم اللأواء ، واصطلمكم الأعداء . . ." .


ومعنى ذلك : أني (الإمام) محيط بأخباركم ، محافظ عليكم ، ولا أنساكم ، ولولا ذلك ، لنزلت بكم الشرور ، من طرف أعدائكم .


ونقول للمعاندين الذين ينكرون الولاية الكلية للإمام (ع) ، فليدققوا في كلماته (ع) ، وليصلحوا عقائدهم ، وليقروا بالولاية التكوينية له (ع) .


٦ - (المناقب) بأسناده عن الرسول الأكرم (ص) ، قال

"النجوم أمان لأهل السماء ، فإذا ذهبت النجوم ، ذهب أهل السماء ، وأهل بيتي أمان لأهل الأرض ، فإذا ذهب أهل بيتي ، ذهب أهل الأرض" .


أيضاً أخرجه ابن أحمد في زيادات (المسند) ، والحمويني في (فرائد السمطين) ، عن علي كرم الله وجهه ، أيضاً أخرجه الحاكم عن محمد الباقر (ع) ، عن أبيه ، عن جده ، عن علي (رضي الله عنهم) .


٧- وأخرج أحمد عن أنس (رضي الله عنه) قال : قال رسول الله (ص) : 

"النجوم أمان لأهل السماء ، وأهل بيتي أمان لأهل الأرض ، فإذا ذهب أهل بيتي ، جاء أهل الأرض من الآيات ، ما كانوا يوعدون" .


وقال أحمد : إن الله خلق الأرض من أجل النبي (ص) فجعل دوامها بدوام أهل بيته ، وعترته (ص) .


٨- (نوادر الأصول) : "عن سلمة بن الأكوع قال ، قال رسول الله (ص) : النجوم أمان لأهل السماء ، وأهل بيتي أمان لأمتي" .


۹ - وأخرج الحمويني بسنده عن محمد الباقر ، عن أبيه ، عن جده ، عن أمير المؤمنين ، رضي الله عنهم قال ، قال رسول الله (ص) : 

"يا علي ! أكتب ما أملي عليك . قلت : يا رسول الله ! أتخاف علي النسيان ؟ قال : لا ، وقد دعوت الله ، عز وجل ، أن يجعلك حافظاً ، ولكن اكتب لشركائك الأئمة من ولدك : بهم تسقى أمتي الغيث ، وبهم يستجاب دعاؤهم ، وبهم يصرف الله عن الناس البلاء ، وبهم تنزل الرحمة من السماء ، وهذا أولهم -وأشار إلى الحسن- ثم قال (ص) : وهذا ثانيهم -وأشار إلى الحسين- ثم قال (ص) : والأئمة من ولده (رضي الله عنهم)" .


١٠- (كتاب المناقب) يروي بأسناده عن الإمام المجتبى ، عن الرسول الأكرم (ص) حيث قال

"ولا تخلو الأرض منهم ، ولو خلت ، لانساخت بأهلها" .


١١ ـ وأخرج الحمويني ، بسنده عن الأعمش ، عن جعفر الصادق (ع) ، عن أبيه ، عن جده علي بن الحسين (رضي الله عنهم) قال

"نحن أئمة المسلمين ، وحجج الله على العالمين ، وسادة المؤمنين ، وقادة الغر المحجلين ، وموالي المسلمين ، ونحن أمان لأهل الأرض ، كما أن النجوم أمان لأهل السماء ، ونحن الذين بنا تمسك السماء أن تقع على الأرض ، إلا بإذن الله ، وبنا ينزل الغيث ، وتنشر الرحمة ، وتخرج بركات الأرض ، ولولا ما على الأرض منا لانساخت بأهلها" .


ثم قال (ع) : "ولم تخل الأرض منذ خلق الله آدم (ع) ، من حجة الله فيها ، ظاهر مشهور ، أو غائب مستور ، ولا تخلو إلى أنْ تقوم الساعة ، من حجة فيها ، ولولا ذلك لم يعبد الله"


۱۲ - (كتاب التنزلات الموصلية) : للشيخ الأكبر ، وفي كتاب سفينة راغب الصدر الأعظم ، وقال أيضاً

"نحن أبواب الله ونحن الصراط المستقيم ، ونحن عيبة علمه ، وتراجمـة وحيه ، ونحن أركان توحيده ، وموضع سره" .


۱۳ - (فرائد السمطين) : بسنده عن أبي بصير ، عن خيثمة الجعفي قال : سمعت أبا جعفر ، محمد الباقر (رضي الله عنه) يقول

"... بنا ينزل الله ، عز وجل ، الرحمة على عباده ، وبنا يسقون الغيث ، وبنا يصرف عنكم العذاب ، فمن عرفنا ونصرنا ، وعرف حقنا ، وأخذ بأمرنا ، فهو منا ، وإلينا" .


بناء على ما ذكرنا ، من أدلة ، وأحاديث معتبرة ، لم يبق لأي شخص شك ، أو تردد ، إذا كان منصفاً وبصيراً في اختصاص الأئمة المعصومين (ع) بالولاية التشريعية ، مضافة إلى الولاية التكوينية ، وأنهم بأمر الله ، تبارك وتعالى ، يتصرفون في أمور المخلوقات ، وأنحاء الوجود .


وبناء على الروايات المتواترة الصحيحة ، التي نقلنا قسماً منها ، والتي تقول : بأن الله ، عز وجل ، خلق الأرض والسماء ، والكون والمكان ، وقد ثبتها بوجودهم (ع) وأفاض بركاته ونعماءه على جميع المخلوقات  بواسطتهم (ع) ، وأنهم (ع) عباد الله المكرمون ، المحبوبون عند الله ، جل وعلا ، وأن الله ، عز وجل ، يربط بقاء العالم ببقائهم (ع) ، وفي الوقت نفسه إنهم (ع) عباد الرحمن ، المطيعون لأمره تعالى ، والمنزهون عن كل عيب ، حيث لا يغفلون لحظة واحدة عن عبادة الله وإظهار عبوديتهم له تعالى .


إنَّ هذه الدرجات ، والمقامات الشريفة ، لا تكون مستقلة عن الله تعالى ، ولا مشتركة مع الله ، عز وجل ، بل إنه تعالى قد فضلهم على جميع خلقه ، ووهبهم من لطفه ، وعنايته ، {ذلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ} (سورة الجمعة:٤) .



كتاب الولاية الجزء الثاني ص١٥٨-١٧١