أبو المكارم الشيخ حسين المطوع حفظه الله
المرجعية
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف جميع الأنبياء والمرسلين محمد وأهل بيته الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين آمين رب العالمين .
أما بعد ، فإنه وبعد المقالة التي كتبتها حول المرجعية ومقامها طلب كثير من الأخوان من العبد الذليل التكلم حول هذا الموضوع بتوسع أكثر لما في هذا الموضوع من حساسية ولعدم معرفة الكثيرين من الشيعة والمحبين حقيقة هذا المقام أعني مقام المرجعية ، فلهذا رأيت أن أولي هذا الموضوع اهتماما خاصا لعل الله تعالى ينفع به المؤمنين فأكون بانتفاعهم من المأجورين .
فأقول ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، أنه مما يجب اعتقاده في مقام المرجعية أنه مقام نيابة عن مولانا بقية الله في أرضه الحجة بن الحسن المنتظر أرواحنا فداه وعجل الله تعالى فرجه ، ولا أعني بمقام النيابة النيابة الخاصة التي كانت للسفراء الأربعة رضوان الله عليهم حيث أن نيابتهم كانت بنص مكتوب بأسمائهم من قبل المولى المنتظر أرواحنا فداه وعجل الله تعالى فرجه ورزقنا توفيق طاعته ، وإنما عنيت بالنيابة أنها تعيين لهم بالوصف كما في الأحاديث الكثيرة الواردة عن الأئمة عليهم السلام مثل قول الصادق عليه السلام كما في :-
- الكافي ٤١٢/٧ "مَنْ كَانَ مِنْكُمْ قَدْ رَوَى حَدِيثَنَا ونَظَرَ فِي حَلالِنَا و حَرَامِنَا وعَرَفَ أحكامنا فَارْضَوْا بِهِ حَكَماً فَإِنِّي قَدْ جَعَلْتُهُ عَلَيْكُمْ حَاكِما فَإِذَا حَكَمَ بِحُكْمِنَا فَلَمْ يَقْبَلُهُ مِنْهُ فَإِنَّمَا بِحُكم اللَّهِ قَدِ اسْتَخفَّ وَعَلَيْنَا رَدُّ وَالرَّادُ عَلَيْنَا الرَّادُ عَلَى اللَّهِ وَهُوَ عَلَى حَدَّ الشِّرْكِ بالله"
- وعنه أيضا كما في وسائل الشيعة ۱۳۱/۱۰ "فَأَمَّا مَنْ كَانَ مِنَ الْفُقَهَاءِ صَائِنَا لِنَفْسِهِ حَافِظاً لِدِينِهِ مُخالِفاً عَلَى هَوَاهُ مُطِيعاً لأَمْرِ مَوْلاهُ فَلِلْعَوَامٌ أَنْ يُقَلِّدُوهُ" ،
- وفي التوقيع عن مولانا الحجة أرواحنا فداه كما في وسائل الشيعة ١٤٠/١١ "وأمَّا الْحَوَادِثُ الْوَاقِعَةُ فَارْجِعُوا فِيهَا إِلَى رُوَاةِ حَدِيثِنَا فَإِنَّهُمْ حُجَّتِي عَلَيْكُمْ وأَنَا حُجَّةٌ اللهِ" ، فانظر أيها القارئ الكريم إلى تصريح الأئمة عليهم السلام بأوصاف من ينوب عنهم عليهم السلام ، فمن كان حاملاً لهذه الأوصاف كان نائبا عنهم عليهم السلام .
وتأمل في أقوال وأفعال مراجعنا العظام أعلى الله كلمتهم لترى هذه الأوصاف جلية واضحة فيهم ، فمما سمعت أنا الحقير الفاني من سماحة سيدي ومولاي معتمدي ورجاي مرجعنا الديني الكبير خادم الشريعة الغراء آية الله المعظم المولى الحاج ميرزا عبد الرسول الإحقاقي الحائري أدام الله عزه (أشهد الله ورسوله صلى الله عليه وآله وعليـا وفـاطـمـة وأبناءهـمـا المعصومين عليهم السلام أني لا أريد الصحة والعافية والحياة إلا لأكون خادما للشريعة والشيعة ، ومدافعا وناشرا لفضائل آل بيت العصمة عليهم السلام) .
وأما ما رأيت فإني رأيته حفظه الله وأبقاه وجعلني من كل مكروه فداه كيف يتعب نفسه وفي بعض الأحيان على حساب صحته من أجل أن يحل مشاكل الناس ويخفف آلامهم ، فكلمته ذات مرة حول هذه المسألة وقلت يا مولاي لو أنك جلست لاستقبال الناس صباحا واسترحت عصرا أو بالعكس ، فقال لي أيده الله بني هناك بعض الناس من يتمكن من الحضور في الصباح ولا يتمكن من الحضور عصرا ومنهم العكس ، وهم يأتون ما بين مريض ومهموم ومغموم وذو حاجة يرد قضاها وهم يتأملون أن يقضي الله حاجاتهم على يدي ، وأنا قد نذرت نفسي وروحي الخدمة المحبين والموالين ، فوالله يا ولدي ما إن يدخل علي المهموم أو المغموم أو المريض أو المحتاج مكتئبا إلا وحاولت أن أرسم البسمة على شفتيه والأمل في زوال همه وغمه ، فما إن ترتسم البسمة إلا وقد فرحت فرحا شديدا لا أتمكن من وصفه .
فانظر عزيزي القارئ كيفية مخالفة الهوى وإطاعة أمر المولى ، حتى أنهم بلغوا في هذه الرتبة إلى حد المشابهة لمواليهم وساداتهم أئمتهم ، فهذه هي النيابة الحقة لمولانا الحجة أرواحنا فداه وعجل الله تعالى فرجه .
ولهذا الحديث بقية أرجو من الله أن يوفقني لإتمامه في الأعداد القادمة إن شاء الله تعالى ، وصلى الله على محمد وأهل بيته الطيبين الطاهرين أجمعين .