نهج الشيخ الأوحد أعلى الله مقامه

الشيخ عبدالجليل الأمير حفظه الله


نهج الشيخ الأوحد أعلى الله مقامه


إن الشيخ أحمد بن زين الدين الأحسائي عليه الرحمة لما بلغ أشده واستوى وسلك سبل ربه ذللا . قد أفاض عليه الحق تعالى من رشحات جوده وكرمه ما لا يوصف . وأخرج من بطنه شرابا مختلفا ألوانه من العلوم بشتى أمراض الجهل من أصناف العلوم والرسوم . هاك مصنفاته فإنها شاهدة على ذلك كما قال الشاعر:


من ادعى ما ليس فيه 

كذبته شواهد الإمتحان


لذا قد كتب في أغلب العلوم العلمية والأدبية والفلكية والجغرافية والتاريخية والعرفانية والفلسفية والكلامية .


وكتب أيضا في علم الحروف والطلاسم والأوفاق وأيضا برع في علم الإكسير وكتب في علم الفقه و الأصول .


حتى أنه كل علم قد أدلى دلوه وأبدى رأيه فيه . فناقش وفند وصحح في بعض الآراء وخطأ الآخر . فذهلت العقول من عبقريته الفذة وآرائه القوية ، وتحليله الرشيق وأسلوبه الأنيق ، فهو كما قال الشاعر:


لو جئته لرأيت الناس في رجل 

والدهر في ساعة والأرض في دار


وبعد حقبة من الزمن . ذاعت جهابذة الفكر، وأعمدة الدين ، وقدوة الأمم ، بالإشادة بفضله ، وعلو مقامه ، وجليل منزلته ، لما رأوا منه من مطالب لم يسبقه سابق ولم يلحقه لاحق بعده إلى الآن . فأجازوه ، وأعظموه ، بإجازات تدل على شامخ علمه ، وثبات جنانه وزهده وتقواه وورعه حتى عرف بذلك .


فمنهم العالم الفاضل الشيخ أحمد الدمستاني . والمولى الكامل الميرزا مهدي الشهرستاني . والعالم السيد السند علي الطباطبائي صاحب كتاب «الرياض» المشهور . ومنهم البحر الطمطام والقائد المقداد مهدي الطباطبائي بحر العلوم والشيخ الجليل والعالم النبيل الشيخ جعفر النجفي صاحب «كشف الغطاء» رضوان الله عليهم وأعلى مقامهم وأعز بهم الإسلام والمسلمين .


حتى أنه قال العالم المحقق والشيخ المدقق المحدث الكبير الشيخ حسين آل عصفور عليه الرحمة في إجازته للشيخ الأوحد : "التمس مني.. من له القدم الراسخ في علوم آل بيت محمد الأعلام ومن كان حريصا على التعلق بأذيال آثارهم عليهم السلام أن أكتب له إجازة كما هي الطريقة الجارية بين العلماء في جميع الأصقاع والأعوام . لحصول التبرك بطرق التحمل المغروسة في قلوب العلماء حدائق التثبت المروية برواشح إفاضـتـهـم علـى الاستمرار والدوام . وهو العالم الأمجد ذو المقام الأنجد الشيخ أحمد بن زين الدين الإحسائي . ذلل الله له شوامس المعاني وشيد به قصور تلك المباني وهو في الحقيقة حقيق بأن يجيز لا يجاز ، لعراقته في العلوم الإلهية على الحقيقة لا المجاز ، ولسلوكه طريق أهل السلوك ، وأوضح المجاز" .


لذا طفح من قلمه الشريف من علوم آل محمد عليهم السلام ما حير الألباب لأنه نهج نهجهم واتبع طريقتهم سلام الله عليهم لا غير ذلك كما أنه قد أبان هذا المنهج الذي نهجه بقوله : «قلت : لم يذكر أكثرها في كتاب ولم يجر ذكرها في خطاب .


أقول : لم يذكر أكثرها في كتاب يعني أن قد ذكر بعض منها إلا أنه ليس على هذا النحو من البيان أو يذكر مجملاً مثل ما يأتي في ذكر الحصص الحيوانية في الإنسان والفرس والطير ، فانهم يذكرون أنها من حقيقة واحدة هي الحيوانية ، وأنها متساوية ، وإنما يميزها الفصول وأنا قد ذكرتها على نحو ما عثر عليه الحكماء ولا وقف عليه العلماء ، لأنهم يأخذون تحقيقات علومهم بعض عن بعض وإنا لما لم أسلك طريقهم وأخذت تحقيقات ما علمت عن أئمة الهدى عليهم السلام لم يتطرق على كلماتي الخطأ . لأني ما أثبت في كتبي فهو عنهم ، وهم عليهم السلام معصومون عن الخطأ والغفلة والزلل ومن أخذ عنهم لا يخطئ من حيث هو تابع ، وهو تأويل قوله تعالى : {سِيرُوا فِيها لَيالِيَ وَ أَيَّاماً آمِنِينَ} . وقولي لم يجر ذكرها في خطاب يعني أنه لم يذكر في الأحاديث إلا بالإشارة والتلويح لأهله وعلى الله قصد السبيل» ، ونعم ما قيل فيهم عليهم السلام :


إليكم وإلا لا تشد الركائب 

ومنكم وإلا لا تنال الرغائب 

وفيكم وإلا فالحديث مخلق 

وعنكم وإلا فالمحدث كاذب


وأما غير الشيخ أحمد من الفلاسفة : فإن ثلة منهم تبعوا حكماء اليونان كأفلاطون وارسطو وبقراط في بعض آرائهم الفلسفية على ما هي عليه من الخطأ بدون عرضها على الكتاب والسنة بل أخذوها أخذ تسليم . وذلك كأخذهم مقولة وحدة الوجود منهم ، والتناسخ ، وصدور الماهيات من الذات ، والواحد لا يصدر منه إلا واحد وعلى ذلك رتبوا العقول العشرة وغير ذلك .


ولما كان الشيخ أعلى الله مقامه متبعا لأهل البيت عليهم السلام في كل ما يقوله لم يتطرق إليه الخطأ لذا قال إني لا أخطئ لأني أتبع من لا يخطئون .