خطبة شهر ذي القعدة

أبو المكارم الشيخ حسين المطوع حفظه الله


خطبة شهر ذي القعدة


الحمد لله رب العالمين ، الذي فضل المجاهدين على القاعدين ، ووعدهم أن يهديهم سبيل المتقين ، و ينتقم لهم وبهم من الظالمين ، والصلاة والسلام على أشرف خلق الله أجمعين ، ومن بعثه الله رحمة للعالمين ، الرؤوف الرحيم بالمؤمنين ، شديد البطش على الكافرين سيدنا ونبينا محمد الأمين ، وعلى آله الطيبين الطاهرين الكهف الحصين وغياث المضطر المستكين وملجأ الهاربين وعصمة المعتصمين ، وعلى من تبعهم من المؤمنين الصالحين العالمين العاملين المتقين المجاهدين ، ولعنة الله على أعدائهم الظالمين الجاحدين الناكثين القاسطين المارقين .


عن المعصومين (عليهم السلام) :

"إن أمرنا صعب مستصعب لا يحتمله إلا صدور مشرقة وقلوب منيرة وأفئدة سليمة وأخلاق حسنة لأن الله قد أخذ على شيعتنا الميثاق فمن وفى لنا وفى الله له بالجنة ومن أبغضنا ولم يؤد إلينا حقنا فهو في النار وإن عندنا سرا من الله ما كلف الله به أحدا غيرنا ثم أمرنا بتبليغه فبلغناه فلم نجد له أهلا ولا موضعا ولا حملة يحملونه حتى خلق الله لذلك قوما خلقوا من طينة محمد وذريته صلى الله عليهم ومن نورهم صنعهم الله بفضل صنع رحمته فبلغناهم عن الله ما أمرنا فقبلوه واحتملوا ذلك ولم تضطرب قلوبهم ومالت أرواحهم إلى معرفتنا وسرنا والبحث عن أمرنا وإن الله خلق أقواما للنار وأمرنا أن نبلغهم ذلك فبلغناه فاشمأزت قلبهم منه ونفروا عنه وردوه علينا ولم يحتملوه وكذبوا به وطَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ ثم أطلق ألسنتهم ببعض الحق فهم ينطقون به لفظا وقلوبهم منكرة له ثم بكى عليه السلام ورفع يديه وقال اللهم إن هذه الشرذمة المطيعين لأمرك قليلون اللهم فاجعل محياهم محيانا ومماتهم مماتنا ولا تسلط عليهم عدوا فإنك إن سلطت عليهم عدوا لن تعبد" .


أما بعد ……، فإن الله تعالى وفي زمن غيبة مولانا صاحب العصر والزمان أرواحنا فداه قيض لهذا الدين حفظة يحفظونه يحملون الأمانة ويؤدونها إلى أهلها ، فلم يقصروا في حفظ هذا الدين وأداء لهذه الأمانة يدا بيد حتى أوصلوها إلى أخلافهم .


ولا شك أن هؤلاء الأعلام لم يكونوا في رتبة واحدة وفي طبقة واحدة فقد برع كل واحد منهم في جانب أو أكثر من جوانب العلم ، فبعض في الفقه وبعض في الأصول وبعض في التفسير وبعض......... الخ ، ومنهم من أبدع في جميعها ولم يترك بابا من أبواب العلم إلا وتكلم فيه بأحسن الكلام وأفضله وأحسنه ، وذلك من أودع الله في صدره الحكمة لكونها أصل العلوم وأعظمها لقوله تبارك وتعالى : 

{وَ مَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً} ، وليست الحكمة إلا معرفة كلام الله تبارك وتعالى وكلمات المعصومين عليهم السلام .


ومما لا يخفى على كل منصف أن خير من أودع صدره هذا العلم الجليل هو شيخنا وملاذنا عز الإسلام والمسلمين فخر العلماء المجتهدين زعيم الحكماء الإلهيين مولانا الأوحد أحمد بن زين الدين الإحسائي رضوان الله تبارك تعالى عليه ، الذي كان في كل كلمة قالها وحركة فعلها تبعا لسادته ومواليه المعصومين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ، حتى صار مفتاحا لعلومهم ، وكاشفا لما أخفى عن غيره من الإسرار المودعة في أخبارهم ، وناشرا لما لم يصل إليه ذهن غيره من مقاماتهم وعلومهم حتى صار مصدقا لقول إمامه عليه السلام: 

"إن أمرنا صعب مستصعب لا يحتمله إلا صدور مشرقة وقلوب منيرة وأفئدة سليمة وأخلاق حسنة لأن الله قد أخذ على شيعتنا الميثاق فمن وفى لنا وفى الله له بالجنة ومن أبغضنا ولم يؤد إلينا حقنا فهو في النار وإن عندنا سرا من الله ما كلف الله به أحدا غيرنا ثم أمرنا بتبليغه فبلغناه فلم نجد له أهلا ولا موضعا ولا حملة يحملونه حتى خلق الله لذلك قوما خلقوا من طينة محمد وذريته صلى الله عليهم ومن نورهم صنعهم الله بفضل صنع رحمته فبلغناهم عن الله ما أمرنا فقبلوه واحتملوا ذلك ولم تضطرب قلوبهم ومالت أرواحهم إلى معرفتنا وسرنا والبحث عن أمرنا وإن الله خلق أقواما للنار وأمرنا أن نبلغهم ذلك فبلغناه فاشمأزت قلبهم منه ونفروا عنه وردوه علينا ولم يحتملوه وكذبوا به وَطَبَعَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ ثم أطلق ألسنتهم ببعض الحق فهم ينطقون به لفظا وقلوبهم منكرة له ثم بكى عليه السلام ورفع يديه وقال اللهم إن هذه الشرذمة المطيعين لأمرك قليلون اللهم فاجعل محياهم محيانا ومماتهم مماتنا ولا تسلط عليهم عدوا فإنك إن سلطت عليهم عدوا لن تعبد" .


بلى والله إنه من المخصوصين بخاصة عملهم وأسرارهم ومن أراد الدليل على ذلك فما عليه إلا أن يطالع ما صنف هذا الشيخ الجليل العالم النبيل من مصنفات في شتى أنواع العلوم ولم ينحرف عن خطهم ولم يخالف كلمة من كلمتهم عليهم السلام بل صار في كل شيء تبعا لهم حتى فني في حبهم وودهم والدفاع عنهم حتى ناله رضوان الله عليه وصار منهم نورا من المنير وأثرا دالا على المؤثر عليه بعض ما نالهم من الظلم والبغي والجور من الجهال أو الحاسدين أو المضللين .


فكما افترى معاوية لعنه الله على مولانا أمير المؤمنين حسدا وظلما وضلل الناس بقوله أن أمير المؤمنين عليه السلام لا يصلي ولا يغتسل من الجنابة ، فكذلك قالوا رشقوا هذا الشيخ الجليل رضوان الله عليه بألوان الافتراءات والأكاذيب ، فهذا أحدهم يقول أن شيخنا الأجل ممن لا يعتقد بالأصول الخمسة (التوحيد والعدل والنبوة والإمامة والمعاد الجسماني) بلا تحقيق ولا تدقيق وإني لأجزم بأنه ما طالع ورقة واحدة ولا سطرا واحدا من علوم هذا الشيخ الجليل ولكن سمع ممن قد ملئت قلوبهم بالحسد لهذا الشيخ يتهمه ويفتري عليه بذلك فتبعه عليه ، ولما ووجه بأن هذا افتراء وأن هذا أحد مصنفاته وهو رسالة حياة النفس وأن الشيخ أعلى الله مقامه قد ذكر في مقدمتها أنها رسالة مختصرة في الأصول الخمسة ، وأنه رضوان الله عليه قد شرح وبين الأصول الخمسة ومعتقده الذي أمر به الله تعالى ونص عليه أئمتنا عليهم السلام ، أبان هذا المفتري من باب (الغريق يتشبث بكل حشيش) أن هذا الافتراء الذي نسبه لشيخنا المظلوم خطأ من المطبعة وأنه لم يكتب هذا الكلام ، ولما ووجه بأنه كيف يجوز للمطبعة أن تضيف أو أن تكتب من عندها حرفا واحدا وتنسبه إليك ، فلم يحر هذا الرجل جوابا وقال أنه سيعتذر ولكنا ما سمعنا منه أي اعتذار بل أصر عنادا وظلما لهذا الشيخ الجليل على ما نسبه إليه من الأكاذيب والافتراءات ، ولا تعجب يا عزيزي فهذا هو مبلغهم من العلم والإيمان . 


ولم يكن هو الوحيد الذي اتهم الشيخ باطلاً بل هناك من اتهمه بأنه لا يقول بالمعراج الجسماني والثالث بأنه لا يعتقد بالمعاد الجسماني وآخر بأنه يغالي في مقامات المعصومين وآخر وآخر وآخر ……إلخ كما ظلموا جسد مولاه ومولانا ومولى الكونين الحسين المظلوم عليه السلام وكانوا يضربونه وهو مخضب بدماه في مقتله واحد بسيفه وواحد برمحه وواحد بالحجارة لعنهم الله .


ولم يقصر علماءنا الأعلام من الماضين والباقين في الدفاع عن هذا الشيخ المظلوم فقد أبطلوا أكاذيب المكذبين وافتراءات المفترين مثل شيخ الحكماء والمتألهين قدوة الفقهاء والمجتهدين قوام الملـة والـديـن وحـيـد الـدهـر والزمن الميرزا حسن الشهير بالكوهر عطر الله تربته القدسية في كتابه (شرح حياة الأرواح) ، والمولى الجليل العامل الكامل وحيد عصره وفريد دهره المولى الميرزا موسى الإحقاقي الإسكوني طيب الله ثراه في كتابه المشهور (إحقاق الحق) ، والعالم البر التقي ذو المقام العلي صاحب الحق على كل ولي مولانا المقدس الميرزا علي الحائري الإحقاقي في مقدمة كتاب (نهج المحجة) وفي كتاب ( عقيدة الشيعة) . 


وسار على هذا النهج مولانا المقدس الإمام المصلح العبد الصالح المولى ميرزا حسن الحائري الإحقاقي أعلى الله مقامه ، وحمل الراية من بعدهم الملهم المؤيد والفاهم الكامل المسدد خادم الشريعة ومحيي قلوب الشيعة مرجعنا وملاذنا آية الله المعظم المولى الميرزا عبد الرسول الإحقاقي حفظه الله وأبقاه وجعلني الله من كل مكروه فداه . 


ونحن بتوجيهه الشريف ومن خلال هذه المجلة المباركة سنتهج هذا النهج وندافع عن المظلوم (ليهلك من هلك على بيّنة ويحي من حيي عن بيّنة) سننهج إن شاء الله تعالى من خلال هذه المقالات نهج تبيين وتوضيح العقائد الحقة التي جاء لها هذا الشيخ عن الأئمة الهداة صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين بل هو صريح ما قالوه وعين ما أرادوه بلا خلاف ولا اختلاف ، وإنا سنعتمد في ذلك ما كتب وبين وشرح هو وتلامذته من الماضيين والباقين رضوان الله عليهم أجمعين من التوحيد حتى المعاد الجسماني مع ذكر ما افترى عليه المفترون والرد عليهم بدليل الحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي أحسن طالبين بذلك إحقاق الحق وإزهاق الباطل والدفاع عن المظلوم وتوحيد الكلمة والوحدة الإسلامية بإزالة الأكاذيب والأباطيل من دفتر الإسلام والإثنا عشرية التي أضافوه أهل الفتنة والضلال ، والله من وراء القصد والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وأهل بيته الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين .