وجوده تعالى عين ذاته ولا ثمة اشتراك مع غيره تعالى




الجوهر السابع

  (وجوده تعالى عين ذاته ولا ثمة اشتراك مع غيره تعالى)


أنه لما عرفت أن الذات لا اسم لها ولا رسم فقد عرفت أن إطلاق الوجود على الله ليس إلا لأجل التعبير ، وإلا فهذا الوجود المعروف لو كان عين الذات للزم معرفة الذات بذاتها ، وقد عرفت استحالتها ، وإنما أطلق لفظ الوجود عليه للتعبير ولتمييزه عن غيره.


فلا تلتفت إلى من يزعم أن الوجود يطلق على الله وعلى الخلق بالاشتراك اللفظي أو المعنوي أو بالحقيقة والمجاز ، لعدم وجود اسم ورسم له سبحانه ، فبطل جميع أقسام تقسيم الألفاظ هناك ، ولو شئت أن أزيدك شيئا من البيان.


فأقول والله المستعان : إن الاشتراك اللفظي مستلزم البينونة العزلة بين الحق والخلق ، لصدق المباينة في الاشتراك اللفظي ، والمتباينان ضدان ، وصدور الضد من الضد محال.


والاشتراك المعنوي يقتضي القول بوحدة الوجود ، للزوم الجهة الجامعة بين الأفراد أولاًولزوم التركيب مما به الاشتراك وما به الامتياز ثانياً .


وما قيل بأن ما به الاشتراك عين ما به الامتياز فهو ينافي القول بالاشتراك ، لعدم وجود جهة جامعة بينهما عند تحقق الامتياز ، لأن الامتياز كان منذ كان ومنذ يكون كما كان ، فليس للامتياز قبل ولا بعد ، فلا يصدق الاشتراك .


وأما ثالثاً : فلأن الاشتراك يستدعي ثبوت مقسم خارج عن الأقسام ، وهـو فــي حقيقته يشمل الأقسام ، والأقسام إنما يتحقق من انضمامه إلى قيود متخالفة خارجة عنه ، فيلزم أن يكون شيئا يشمل الواجب والممكن وكلاهما من أقسام ذلك المقسم ، وهو لا يكون في حقيقته واجبا ولا ممكنا ، وهذا مما أحاله العقل والنقل ، حق و خلق لا ثالث بينهما ولا ثالث غيرهما .


والقول بوجود ذلك يستلزم كون وجود الحق محاطا ومشمولا للغير ، ويستلزم أيضاً القول بتعدد القدماء .


وأما رابعاً : فلأن الاشتراك يستدعي كون وجود الخلق قسيما للحق ، وقسيم الشيء ضد الشيء ، وهو سبحانه لا ضد له ولا ند له .





وأما القول بالحقيقة والمجاز فيستدعي المناسبة والمرابطة وهو باطل لما عرفت ، فلو قيل إن الاشتراك إنما يكون بحسب المفهوم لا بحسب المصداق . 


قلنا قد ذكرنا سابقاً أن المفهوم إن طابق المصداق فالحكم على المصداق ، وإلا فلا يجوز الحكم عليه فبطل القول بالتقسيم بجميع أنحائه .


فلا تلتفت إلى ما يقولون من أن الوارد من أهل البيت عليهم السلام إثبات بينونة الصفة بين الحق والخلق كما قال أمير المؤمنين (ع): (توحيده تمييزه من خلقه) وحكم التمييز بينونة صفة لا بينونة عزلة ، وذلك يستدعي القول بالاشتراك المعنوي بالتشكيك ، لأن البينونة الصفتية هي أن يكون الأمران متحدين في الذات ومختلفين في الصفات .


لأنا نقول ليس حيث ما ذهبوا بل المراد بالبينونة الصفتية هو أن يكون أحدهما صفة والآخر موصوفا ، وليست البينونة الصفتية كما زعموا ، بل ما قالوا فيها هو بعينه صادق في البينونة العزلتية لغة وشرعاً وعرفاً ، إذ لا تصدق العزلة إلا بعد الاجتماع ، فيلزم أن يكونا متحدين في الحقيقة ، ويعتزل كل منهما عن صاحبه في الصفات .


فعلى القول بالاشتراك المعنوي يجب القول ببينونة العزلة بين وجود الحق والخلق ، وقد نفاها أمير المؤمنين (ع) ، فإذا دريت ما قلنا عرفت أن ساير الصفات التي هي عين الذات ، لا تكون مشتركة بين الحق والخلق ، ولا ارتباط لها بالخلق بوجه من الوجوه .


المصدر