انه تعالى ليس كمثله شيء




الجوهر الثالث

 (انه تعالى ليس كمثله شيء)


      إنه سبحانه وتعالى لا يقترن بشيء ، ولا يرتبط بشيء ، و لا يقترن به شيء ، ولا يرتبط به شيء ، لأن الاقتران والارتباط من صفات الحدوث ، فالاقتران من الأكوان الأربعة ، التي أجمع العقلاء على حدوثها ، وهي : (الاجتماع والافتراق والحركة والسكون) والارتباط النسبة بين المنتسبين ، فإن كانت ذاتية لهما ، فلها مدخلية في ذاتيهما ، وإن كانت في صفاتهما فلم ترجع إلى ذاتيهما إذا كانت الصفات إضافية وفعلية ، وإلا فهي تكون عين الذات فرجعت النسبة إلى الذات ، فلو وجدت النسبة بين ذات الحق والخلق لزم حدوث الحق ، لكونه مدخلا للنسبة ، وإن وجدت بين الصفات فبقيت الذات بلا ارتباط وهذا ما كنا نبغي ، فلا تصغ لما يدعون من وجوب الارتباط ، لكون الأشياء قائمة بالذات ، والقيام هو الربط والنسبة للزوم ذلك القول بحدوث الواجب لما قلنا ، ولأن الأشياء قائمة بفعل الله لا بذات الله ، والفعل قائم بنفسه بالله من دون ارتباط ولا كيف لذلك كما أنه لا كيف له ، إذ الكيف كيف بالفعل ، فالفعل لا كيف له ، لأنه هو أجراه ولا يجري عليه ما هو أجراه ، 





فإذا عرفت بطلان القول بالربط فاعلم أن الربط هو القيام وهو على أربعة أقسام :


- القيامات الأربعة -


الأول : القيام الصدوري وهو قيام الأثر بفعل المؤثر ، وليس بينهما فصل ولا وصل ، لأن الفصل يستدعي وجود واسطة ، وهي تمنع عن صدوره ، والوصل يقتضي الوحدة ، فلا يكون المؤثر مؤثراً والأثر أثراً.


الثاني : القيام الركني وهو أن يكون المقوم ركن المتقوم كقيام المركب بالأجزاء وكقيام الشيء بالوجود والماهية ، وكقيام المشتقات بالمصادر لا مطلقاً ، لأن المصدر هـو المقوم للمشتق ومندرج فيه ، لأن اشتقاق المشتق من المصدر عبارة عن انضمام المصدر بقيود متخالفة ، فإذا عرفت هذا الكلام عرفت أن المصادر كلها أمور متحققة متأصلة ، وليست كما زعمها القوم من أنها أمور اعتبارية ، لأن المشتقات الاسمية كلها فروع للمصادر ، متقومة بها قيام ركن ، فلو كانت الأصول اعتبارية لكانت اعتبارية الفروع أشد من اعتباريتها ، وبالجملة ليس هنا محل هذا الكلام ، ومن هذا القبيل أي من قبيل القيام الركني قيام الماهيات بالوجود.





الثالث : القيام الظهوري ، وهو أن يكون المقوم مظهراً للمتقوم ، كقيام نور الشمس بالجدار ، وقيام ظهور كل عال بسافله ، أي بآثاره وشئوناته ، وهو ظهور الذات في الاسم الفاعل القائم بالمصدر قيام ركن.


الرابع : القيام العروضي ، وهو قيام الأعراض بالجواهر كقيام الألوان بالأجسام ، وجميع ذلك من حدود المخلوق ، فلا يجري على الله لأنه هو أجراه (انتهى المخلوق إلى مثله وألجأه الطلب إلى شكله).


المصدر