المخزن الأول
الجوهر الأول
(في وجوده ووحدته تعالى)
اعلم وفقك الله لتحمل آثار أهل الأسرار عليهم سلام الله ، في الأكوار والأدوار ، أن الحدوث يقتضي الإستناد إلى قديم يحدثه ، وإلا يلزم في إيجاده نفسه تحصيل الحاصل ، لأنه موجود والترجيح بلا مرجح ، في ترجيح زمان وجوده على سائر الأزمنة ، ومكانه على ساير الأمكنة ، والترجح بلا مرجح في قبول نفسه نفسه واختياره للأحول التي تعتور عليه المستلزمة للانتقال ،
وذلك الموجد يجب أن يكون واحداً لكون الكثرة مستلزمة للتركيب ، لأن الكثرة تقتضي الاشتراك فيحتاج إلى ما به الامتياز ، ولأن الاثنينية لا تتحقق إلا في المحدود فيستلزم تركيبه من جهة ذاته وحده ، لا يقال لمْ لا يجوز أن يكون في الوجود إلهان مستقلان كل واحـــد منهما ممتاز عن الآخر بذاته لا بأمر زايد ، وإطلاق الموجودية والوجوب والقدم يكون عليهما بالعرض لا بالذات ، كالماشي بالنسبة إلى الحيوان والإنسان مثلاً ، لأنا نقول إن الأمر العرضي خارج عن الذات يقيناً ، إذ لو كان داخلا لكان ذاتياً لها، فالعرضي غير الذاتي البنة ، فلو فرضنا عليهما إطلاق الوجود والوجوب عليهما بالعرض لزم أن لا يكونا موجودين ولا واجبين في حقيقة ذاتهما ، وإذ لم يكونا موجودين كانا معدومين ، وإذ لم يكونا واجبين لكانا حادثين . فرجعنا إلى إثبات واجب قديم يكون وجوبه عين ذاته ، وغناه عين وجوده ، ليسد فاقة الإمكان ، وإن كان الوجوب والوجود ذاتيين لهما ، فيلزم المحذور أعني التركيب ، وقد قام الدليل على أن كل مركب حادث ، ونقول أيضاً إن انتزاع مفهوم واحد من مصداقين متباينين متخالفين بالذات ، يمتنع عند حكم العقل ، كما يمتنع انتزاع مفهومين من مصداق واحد بسيط ليس فيه جهات التركيب ، وتعرف ذلك قريباً إن شاء الله .
ولبرهان التمانع ، ولدليل الفرجة ، وساير أدلة التوحيد ، مما يؤول ذكرها إلى إطناب في الكلام، والاختصار والاقتصار خير في المقام .
المصدر