المرجع الديني الكبير الإمام المصلح العبد الصالح
الحاج ميرزا حسن الحائري الإحقاقي قدس سره
الحسين رائد مسيرة الحب و الفداء
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
إن الحسين عليه السلام ، سيد الشهداء ... هذا الفارس المجلي في حلبة العشق والوفاء ، ورائد مسيرة الحب والوفاء والفداء ، هذا البطل المقدام في السير الحثيث نحو المحبوب الأسنى ، الذي كان من أول عمره ، بل منذ اللحظات الأولى لحياته الشريفة ، لم يلج عالم الكثرة إلا وكان يطمح للوحدة ، تخلى يوم الطف عن جميع العلائق بشكل كامل ، وودع الأهل والعيال والمال ، وحيث لم يبق في حوزته إلا الجسم والروح نادى :
إن كان دين محمد لم يستقم
إلا بقتلي يا سيوف خذيني
قد نرى أبطال البشر يقعد الفتور والضعف في كيانهم ، ويدب الخور إلى وجودهم في مقتل واحدٍ من أولادهم ، وعندما يصبح انتصار العدو عليهم أمراً قطعياً يفكرون في الهدنة وعقد الصلح … بينما نجد هذا البطل الجبروتي والعاشق الملكوتي كلما كان يصاب في روحه وجسمه وأولاده ، كان يزداد شوقا إلى الموت!
كأنه كان يشاهد جمال المحبوب الأخاذ من خلف ستار الموت ، ويزداد تلهفاً وعشقاً للقاء ربه.
كان يزيح العلائق -التي كانت تعد كل واحدة منها حجابا و مانعا- وينطلق كالبرق الخاطف لإنهاء المراحل الأخيرة من السير والسلوك.
كان الأولاد والأصحاب يستأذنونه لخوض غمار الشهادة ، فيأذن للواحد منهم تلو الآخر ، رغم أن كل واحد منهم كان كنفسه العزيزة ، وما أن يراهم مصرعين حوله ، مجدلين على الأرض ، مرملين بدمائهم في مذبح العشق حتى يزداد عزماً على لقاء المحبوب!!
إذ قدّم القرابين وودع الأهل والعيال ، جعل رأسه وصدره وقلبه عرضة للسهام والرماح ... وأخيراً استقر في حجر المحبوب بكل هدوء وارتياح قائلاً:
تركت الخلق طراً في هواكا
و أيتمت العيال لكي أراكا
فلو قطّعتني في الحب إربا
لما مال الفؤاد إلى سواكا
وفي الحقيقة ، فإن الروح الغالية ، والعمر الثمين ، وكل الأعمال التي تصدر من البشر … إذا بُذلت في سبيل المحبوب ، فإن ذلك يوجب الربح والسعادة ، وإلا فإنه في حكم الإسراف والتبذير.
{وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} صدق الله العلي العظيم
المصدر : الرسالة الإنسانية