الوحدة و الاتحاد

خادم الشريعة الغراء آية الله المعظم المجاهد 

الحاج ميرزا عبدالرسول الحائري الإحقاقي قدس سره


الوحدة و الاتحاد


بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الانبياء والمرسلين حبيب قلوبنا وطبيب نفوسنا ابي القاسم محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين الذين اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا،  واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين الى قيام يوم الدين آمين رب العالمين.


قال الله الحكيم في محكم كتابه الكريم: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَ لا تَفَرَّقُوا} صدق الله العلي العظيم.


إن من الصفات التي تساعد الفرد والأمة والجماعة والدولة على بلوغ أهدافها الاتحاد والوحدة، فهي تجعل شجرة الآمال والطموحات مثمرة.


ما أن يخطط المرء لعمل، أو تقرر جماعة القيام بشيء، وتمهد له بإعداد الوسائل والأدوات اللازمة، حتى يأتي دور الوحدة والاتحاد. 


فيجب عدم الاعتناء بالمشاكل والصعوبات، وعدم القلق تجاه العقبات والموانع، بل ينبغي الاستمرار والمواصلة بخطة صحيحة وعزم راسخ وثبات واستقامة واتحاد ووحدة. 


حيث أن هذه الأمة العظيمة وحدت جهودها في ما مضى لمواجهة تحديات الأعداء والخصوم، ولكن ما يؤسف له أن القرن الأخير شهد تأثير الأيدي الآثمة التي استطاعت تفتيت وحدة الصف، فبدلا من توحيد الكلمة والقوى والجهود نحو الخصوم تحولت الخصومات إلى الجماعات المختلفة في الأمة الواحدة بل في الجماعة الواحدة فراح بعضهم يسدد سهامه نحو أخوته وجماعته، ويشهر السلاح بوجه أبناء أمته. 


وهذا ما يؤدي الى الخراب والدمار والضياع ويؤدي إلى محق الدين وضعف المذهب.


أيها المؤمنون أوصيكم بالوحدة والمحبة والاتحاد، فهي أعظم العبادات.


فعندما سَأل الرسول الأعظم (صلى الله عليه و آله) أصحابه عن أفضل الأعمال؟ أجاب البعض الصلاة. قال الرسول (صلى الله عليه و آله): "نعم الصلاة من أفضل الأعمال ولا شك أن تاركها ملعون ولكن هناك عمل أفضل من الصلاة"


فقال آخر: سيدي أفضل الأعمال الصيام. فقال الرسول (صلى الله عليه و آله): "نعم إن الصوم من أفضل الأعمال وتاركه عامداً دون سبب أو مرض أثم" على كل حال إلى أن وصل دور الرسول (صلى الله عليه و آله) - فقد كان صلى الله عليه وآله وسلم من كرمه أن يقدم الأصحاب للإجابة - ثم قال الرسول (صلى الله عليه و آله): "الصلاة والصيام والحج كلها أعمال واجبة نورانية ولكن أوجب هذه الأعمال لأمتي الوحدة والاتحاد"


إذن وحدة الإسلام هي التي تحفظ هذه العبادات ولهذا أمر الله في القرآن الكريم بالوحدة حين قال تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَ لا تَفَرَّقُوا} ففي التفاسير حبل الله عبارة عن الإسلام والقرآن الكريم وولاية محمد وآل محمد (صلى الله عليه و آله) فمن اعتصم بهذا الحبل فقد استمسك بالعروة الوثقى وأما إذا اختلفوا فيكونوا لقمة سائغة للشياطين والخارجين عن ربقة الإسلام.


فالأعداء يترصدون بنا حتى يزرعوا الخلاف بين المؤمنين، فإذا أوقعوا الخلاف بينهم لا يأمن من أن يأتي يوم يقتل فيه الأخ أخاه حتى وإن كان في المسجد أو الحسينية ولهذا أمرونـا أئمتنا (ع) بالابتعاد عن الخلاف واتباع الأخلاق الفاضلة، فالمؤمنون رحماء بينهم وأشداء على الكفار والمخالفين والمنافقين. 


ففي كل زمان هناك إبليس وشيطان إلى يوم القيامة، فهؤلاء الأبالسة والشياطين أعداء العقيدة والوحدة يريدون أن يلقوا الخلاف بين المؤمنين حتى تشتعل نار الفتنة في مساجدنا وحسينياتنا فاحذروا يا أولي الألباب.


أيها المؤمنون أوصيكم بالمحبة والوحدة والاتحاد بينكم والابتعاد عن المنافقين ومجالستهم، ولأن النفاق مرض أخطر من الجذام فاحذروا عباد الله عدو الله، فالشيطان (إبليس) لعنه الله وهو أول المنافقين قد صلى أكثر من ستة آلاف سنة ولكنها كلها كانت نفاقاً. 


والآن نحن والحمد لله بإرشادات أهل البيت عليهم السلام وعلمائنا العاملين ننشر المحبة والود بين المؤمنين، فأصبح الشيعة الإثنى عشرية كلهم إخواناً على سرر متقابلين في مجالسنا وحسينياتنا. 


ولهذا نتضرع إلى الله واليهم عليهم السلام أن يحفظوا وحدتنا واتحادنا وأن يبعدوا شياطين الجن والإنس عن قلوبنا وعن مجالسنا، وأن يحفظوا علماءنا وخطباءنا ورجالنا ونساءنا، وأن يوفق الجميع لمداومة الإيمان والإقرار بالولاية والحمد لله رب العالمين والسلام عليكم ورحمة الله و بركاته.