الحسين (ع) الاسم الأعظم

سماحة الحكيم الإلٰهي والفقيه الرباني المولىٰ

 ميرزا عبد الله الحائري الأحقاقي حفظه الله


الحسين (ع) الاسم الأعظم


بسم الله الرحمن الرحيم


اللهم صلّ على محمدٍ وآل محمد


 ورد عن عمار السابطي أنه قال: قلت لأبي عبد الله الصادق (ع): جعلت فداك أحب أن تخبرني باسم الله الأعظم فقال لي: إنك لا تقوى على ذلك، فلما الححت عليه قال مكانك إذن، ثم قام فدخل البيت هنيئة ثم صاح بي: أدخل. فدخلت فقال لي: ما ذلك؟ فقلت: أخبرني به جعلت فداك. قال: فوضع يده فنظرت إلى البيت يدور بي فأخذني أمر عظيم كدت أهلك فضحك فقلت: جعلت فداك ، حسبي لا أريد . 


 الاسم كما قال فيه أمير المؤمنين (ع) ما دل على المسمى ، والأسماء لا بد أن تكون ثابتة متحققة موجودة في الخارج وليست أمراً اعتبارياً ، يقول تعالى: {وَ لِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها} وقد أظهر تعالى ملكيته لهذه الأسماء بقوله (لله) لأنها هي فقط التي تستحق أن تكون لله ، لأنها الشيء بحقيقة الشيئية وما سواها باطل وموهوم ، لذلك جعل الله هذه الأسماء واسطة بينه وبين خلقه ، ومنها اشتق جميع الأسماء الوجودية ، وبالنظر إلى قول أمير المومنين (ع) في دعاء كميل يتأكد لنا المطلب: "اللهم إني أسألك برحمتك التي وسعت كل شيء" فقد سأل الله بهذه الأسماء التي لها كرامة عند الله تعالى وجعلها سبباً في استجابة الدعاء ، فهذه الأسماء واقعية ثابتة متأصلة متحققة موجودة وقائمة في الأعيان ، لأن هذه الأسماء هي صفات الله تعالى ، فثبوت صفاته وأسمائه فرع ثبوته وتحققه في الخارج لأنه إذا لم يثبت لمتصفه في الخارج وجوداً حقيقياً لم يكن متصفاً بها في الواقع .


وكذلك أسماءه التي تصفه لخلقه صفة استدلال لا صفة تكشف عنه لابد أن تكون متحققة وثابتة وإن انقطع اعتبارها أو تعقلها ذهناً ، واعلم أنه لا يجوز وضع الأسماء بإزاء الذات البحت البات لأن الأسماء كلها حادثة ، وكيف يقترن القديم بالحادث؟ كما أنه تعالى كما ورد عنه (ع) : "كان الله ولم يكن شيء معه وهو الآن كما كان" والاسم يوضع لأجل المعرفة وهو تعالى لا يدعو نفسه كما أنه ليس معه غيره ليدعوه فثبت أنه لا حاجة للاسم في هذا المقام ، والقديم تعالى لا ينتقل من حال إلى حال فإذا لم يكن مسمى باسم ثم ارتبط باسم فهذا يعني انتقاله من حال إلى حال ، حاله قبل التسمية وحاله بعد ارتباطه بالاسم، وهذا التغير والانتقال من صفات الحدوث ولو أثبتناه للواجب لكان ممن يخاف عليه العدم والفناء (تعالى ربي عن ذلك علواً كبيراً) .


فالأسماء لا توضع بإزاء الذات وإنما هي مخلوقة لها وموضوعة بإزاء المخلوق الظاهر بالصفات الكمالية الذي هو محل التعريف والتعرف لله عز وجل وهو النور المحمدي (صلى الله عليه و آله) "بنا عبد الله وبنا عرف الله ولولانا ما عبد الله ولولانا ما عرف الله" ، فالمراد من هذه الأسماء هو التعبير لا الكشف عن الذات ، كما ورد عنهم (ع): "أسماؤه تعبير وصفاته تفهيم وذاته حقيقة وغيوره تحديد لما سواه" ، فهو الدال على ذاته بذاته لأنه تنزه عن مجانسة مخلوقاته وجل عن ملاءمة كيفياته فإدراك الذات الإلهية مستحيل على الخلق إلا بخلق وظهور ، وهذا الظهور هو المقامات والعلامات التي لا تعطيل لها في كل مكان فتتوجه إليها اعتماداً على قوله تعالى 

: {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى} (الاسراء:١١٠) ولكنك تتوجه إليها و أنت تقصد الذات لأنها الموصوف وهذه الظهورات هي الصفة و الموصوف أظهر من الصفة ، فهو الخالق وهذه الأسماء مخلوقة له وهو الظاهر فيها فبظهوره غيب خلقه كما قال أبا عبد الله الحسين (ع) في دعاء عرفة: "أيكون لغيرك من الظهور ما ليس لك حتى يكون هو المظهر لك ، متى غبت حتى تحتاج إلى دليل يدل عليك ومتى بعدت حتى تكون الآثار هي التي توصل إليك" وقد جعل الله تعالى معرفته في هذه المقامات والعلامات فصارت طاعتهم عليهم السلام عين طاعته ومحبتهم عين محبته لا فرق بينه وبينها إلا أنهم عباده وخلقه ، فتقها ورتقها بيده بدؤها منه وعودها إليه ، فتبقى هذه المقامات مخلوقة له تعالى وأثر من آثاره وصنع من صنائعه التي تتجلى فيها القدسية والكمال والبهاء والجمال والجلال .


وأعظم التجلي لاسم الله الأعظم (الحسين) في شهر الله الحرام ليشهد الخلق عظمة الكتاب التكويني الواصف لقدسية الجليل الظاهرة في الخلق (سبحان ربي العظيم وبحمده) تاركاً كل متعلقات الدنيا من أهل ومال وولد وأصحاب ليسمع الوجود أن البقاء .. كل البقاء في الفناء في سبيله ، وأن الوصل به وإن كان ظاهراً بالموت فهو عين الحياة ، فأتمّ (ع) حجّه بأعلى أوجه الطاعة ، وكان هو الهدي العظيم ، وكان قربانه لله أصحابٌ وأهلٌ لم تلق الأرض أفضل منهم ، و ولمّا كان باقي الخلق منشغلون بأداء فريضة الحج ، علم هؤلاء الصفوة أن الحج بالحسين وللحسين ومع الحسين ، لأنهم أدركوا قدسية الاسم الأعظم وارتشفوا جماله وانجذبوا لكماله فوعوا نداء داعي الله حين قال: (أما من ناصر ينصرنا) وعلموا أنه صراط الله الممدود بين الجنة والنار، وبه يشقى من يشقى ويسعد من يسعد، فطافوا سبعاً بسيوفهم على رقاب الأعداء، وسعوا سبعاً بين الخيام والفرات طلباً للماء، ثم أحلوا من إحرامهم بفيض دمائهم، فكتبوا ملحمة الطف الخالدة بأحرف من نور حب الولي.


هذا و صل اللهم على محمدٍ وآل محمد