ربي أرني أنظر إلى أنوارك المشرقة

خادم الشريعة الغراء آية الله المعظم المجاهد 
الحاج ميرزا عبدالرسول الحائري الإحقاقي قدس سره

ربي أرني أنظر إلى أنوارك المشرقة
 
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله رب العالمين و الصلاة و السلام على أشرف الأنبياء و المرسلين حبيب قلوبنا و طبيب نفوسنا أبي القاسم محمد و آله الطيبين الطاهرين الذين أذهب الله عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا ، و اللعن الدائم على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين آمين رب العالمين 

الحمدلله الذي أشهدنا مشهد أوليائه في رجب و أوجب علينا من حقهم ما قد وجب و صلى الله على محمد المنتجب و على أوصيائه الحجب

في هذا الدعاء نكتتان و هي مسألة الحجب فالحجاب قد يكون هو الستر فكل مستور محجوب كحجاب المرأة

و قد يكون الحجاب من شدة الظهور كنور الشمس الذي يحجبها عنا لشدة نورها ، كذلك أنوار محمد و آل محمد صلوات الله عليهم أجمعين و شدة ظهورهم في السماوات و الأرض بدرجة لا يمكن لأي مخلوق أن يتحمل حقائقهم ولا حتى أنوار أشعة أنوارهم و هم فقط صلوات الله عليهم أجمعين يستطيعون النظر إلى بعضهم 

و ما كان طلب النبي موسى على نبينا و آله و عليه السلام رؤية الله إلا بلسان قومه فهو يعلم استحالة ذلك لافتراق الخالق و المخلوق و الرب و المربوب و العزلة بيننا و بين الله عز و جل عزلة من الناحية المعنوية لا المادية ( إنما تحد الأدوات أنفسها و تشير الآلات إلى نظائرها )

فإحاطه أي شيء بغيره يجب أن يكون من جنسه لذلك قال تعالى لن تراني يعني  لا تراني إلى الأبد 


قال الميرزا حسن الشهير بكوهر أعلى الله مقامه ( نارنا هذه تضيء لمن يسري بليل لكنها لا تنال ) هذه  النار التي يذكرها لا ترى في النهار ، فالنهار للمعاش و طلب الرزق ، و أما الراحة و النوم ففي أول الليل و بقدر الحاجة . أما بعد منتصف الليل إلى الفجر فهي ساعات المناجاة و الخلوة مع الرب و ساعات التقوى و التزود و العروج الروحي قال تعالى { إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ  وطئاً وَ أَقْوَمُ قِيلاً }  ( المزمل ٦ ) ففي ساعات السحر يقول العبد ربي أرني أنظر إلى أنوارك المشرقة من أنوار محمد و آل محمد صلوات الله عليهم أجمعين ، هذه الأنوار تضيء للسالك الذي يسير سير العظمة السير من الخلق إلى الحق

و مهما سار السالك فلن يصل إلى حقيقة هذا النور لأن هذه الأنوار لا تنال لكنها تضيء للعبد فيكون قلبه مشكاة لأنوارهم صلوات الله عليهم حتى يصير قريبا منهم فيَصِل لجميع المقامات  التي أتاحاها الله لعباده إلاّ مقام النبوة و الإمامة ، فالسالك يرى ما لا يراه الآخرون و يسمع ما لا يسمعه غيره ليصل مقام ليس كمثله شيء و هذا ديدن الأوحدين و هكذا كان والدي المقدس العبد الصالح المصلح فإني لم أره طوال حياتي انقطع عن قيام الليل و لو لليلة واحدة لا في سفر ولا في الحضر 

و عندما يصل الإنسان لهذا المقام يعيش حياة طيبة نورانية أساسها التسليم و القناعة بما رزقه الله ماديا و معنويا ، فليس السعي و الكدح علة تامة لتحصيل الرزق

أما في عالم الدنيا فلهذا النور دليل و آية في وجه الإنسان فالوجه مرآة القلب و المؤمن إذا نظر بنور الله يعرف الناس من وجوههم و النور الذي في جباههم . و ليس لون البشرة مانعا لتجلي هذه الأنوار .

و أعلى مقاماً لهذه الأنوار هو نور الأوحدية فهو أشد ظهورا و أجلى نورا في القلوب و الوجوه ، و ما جاء به الأوحد أعلى الله مقامه في كتبه مثل الرجعة و شرح الزيارة الجامعة الكبيرة إلاّ دليل على هذه الرفعة من المقام ، و إن أصحاب هذه الأنوار و العقائد سيتشرفون بنصرة الإمام الحجة بن الحسن العسكري عجل الله تعالى فرجه الشريف حتى إن بعض الأموات منهم يبعثهم إلى الحياة لنصرة إمامهم بعد أن يسألوه أن يشرفهم باللحاق به

و من أهم الأعمال التي تُعين على السّلوك إلى أنوارهم و خرق الحجب نشر فضائلهم صلوات الله عليهم أجمعين و الدفاع عن المشايخ المظلومين 

أخيرا أبنائي أوصيكم في حياتي و بعد وفاتي بالدفاع عن الأوحد أولاً وأوصيكم بالاستفادة من كتبه النورانية