خطبة الافتخار

 خطبة الافتخار

ومن ذلك (۱) ما ورد عنه في خطبة الافتخار ، رواها الأصبغ بن نباتة قال : خطب أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال في خطبته: 


أنا أخو رسول الله ، ووارث علمه ، ومعدن حكمه ، وصاحب سرّه ، وما أنزل الله حرفاً في كتاب من كتبه إلا وقد صار إليَّ ، وزاد لي علم ما كان وما يكون إلى يوم القيامة ، أُعطيت علم الأنساب والأسباب ، وأُعطيت ألف مفتاح يفتح كل مفتاح ألف باب ، ومددت بعلم القدر ، وإن ذلك يجري في الأوصياء من بعدي ما جرى الليل والنهار حتى يرث الله الأرض ومن عليها ، وهو خير الوارثين. 


أُعطيت الصراط والميزان واللواء والكوثر ، أنا المقدَّم على بني آدم يوم القيامة ، أنا المحاسب للخلق ، أنا منزلهم منازلهم ، أنا عذاب أهل النار ، ألا كل ذلك من فضل الله عليَّ ، ومن أنكر أنَّ لي في الأرض كرّة بعد كرّة وعوداً بعد رجعة ، حديثاً كما كنت قديماً ، فقد ردَّ علينا ، ومن ردَّ علينا فقد ردَّ على الله!. 


أنا صاحب الدعوات ، أنا صاحب الصلوات ، أنا صاحب النقمات ، أنا صاحب الدلالات ، أنا صاحب الآيات العجيبات ، أنا عالِم أسرار البريّات ، أنا قرن من حديد ، أنا أبداً جديد ، أنا منزل الملائكة منازلها ، أنا آخذ العهد على الأرواح في الأزل ، أنا المنادي لهم ألست بربّكم بأمر قيّوم لم يزل . أنا كلمة الله الناطقة في خلقه ، أنا آخذ العهد على جميع الخلائق في الصلوات ، أنا غوث الأرامل واليتامى ، أنا باب مدينة العلم ، أنا كهف الحلم ، أنا دعامة الله القائمة ، أنا صاحب لواء الحمد ، أنا صاحب الهبات بعد الهبات ولو أخبرتكم لكفرتم. 


أنا قاتل الجبابرة ، أنا الذخيرة في الدنيا والآخرة ، أنا سيد المؤمنين ، أنا عَلَم المهتدين ، أنا صاحب اليمين ، أنا اليقين ، أنا إمام المتقين ، أنا السابق إلى الدين ، أنا حبل الله المتين ، أنا الذي أملأها عدلاً كما ملئت ظلما وجوراً بسيفي هذا. 


أنا صاحب جبريل ، أنا تابع ميكائيل ، أنا شجرة الهدى ، أنا عَلَم التقى ، أنا حاشر الخلق إلى الله بالكلمة التي بها يجمع الخلائق ، أنا منشئ (١) الأنام ، أنا جامع الأحكام ، أنا صاحب القضيب الأزهر والجمل الأحمر ، أنا باب اليقين ، أنا أمير المؤمنين ، أنا صاحب الخضر ، أنا صاحب البيضاء ، أنا صاحب الفيحاء ، أنا قاتل الأقران ، أنا مبيد الشجعان ، أنا صاحب القرون الأولين ، أنا الصدّيق الأكبر ، أنا الفاروق الأعظم ، أنا المتكلم بالوحي ، أنا صاحب النجوم ، أنا مدبرها بأمر ربي ، وعلم الله الذي خصني به ، أنا صاحب الرايات الصفر ، أنا صاحب الرايات الحمر ، أنا الغائب المنتظِر لأمر العظيم ، أنا المعطي ، أنا المبذل ، أنا القابض يدي على القبض ، الواصف لنفسي ، أنا الناظر لدين ربي ، أنا الحامي لابن عمّي ، أنا مدرجه في الأكفان ، أنا والي الرحمٰن ، أنا صاحب الخضر وهارون ، أنا صاحب موسى ويوشع بن نون ، أنا صاحب الجنة ، أنا صاحب القطر والمطر ، أنا صاحب الزلازل والخسوف ، أنا مروع الألوف ، أنا قاتل الكفار ، أنا إمام الأبرار ، أنا البيت المعمور ، أنا السقف المرفوع ، أنا البحر المسجور ، أنا باطن الحرم ، أنا عماد الأُمم ، أنا صاحب الأمر الأعظم ، هل من ناطق يناطقني؟ أنا النار ، ولولا أني أسمع كلام الله وقول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لوضعت سيفي فيكم وقتلتكم عن آخركم ، أنا شهر رمضان ، أنا ليلة القدر ، أنا أُم الكتاب ، أنا فصل الخطاب ، أنا سورة الحمد ، أنا صاحب الصلاة في الحضر والسفر ، بل نحن الصلاة والصيام والليالي والأيام والشهور والأعوام ، أنا صاحب الحشر والنحر ، أنا الواضع عن أمة محمد الوزر ، أنا باب السجود، أنا العابد ، أنا المخلوق ، أنا الشاهد ، أنا المشهود ، أنا صاحب السندس الأخضر ، أنا المذكور في السماوات والأرض ، أنا الماضي مع رسول الله في السماوات ، أنا صاحب الكتاب والقوس ، أنا صاحب شيث بن آدم ، أنا صاحب موسى وإرم ، أنا بي تضرب الأمثال ، أنا السماء الخضراء ، أنا صاحب الدنيا الغبراء ، أنا صاحب الغيث بعد القنوط . ها أنا ذا فمن ذا مثلي؟!. 


أنا صاحب الرعد الأكبر ، أنا صاحب البحر الأكدر ، أنا مكلِّم الشمس ، أنا الصاعقة على الأعداء ، أنا غوث من أطاع من الورى والله ربي لا إله غيره ، ألا وإن للباطل جولة وللحق دولة ، وإني ظاعن عن قريب ، فارتقبوا الفتنة الأموية والدولة الكسروية ، ثم تقبل دولة بني العباس بالفرج والبأس ، وتبنى مدينة يقال لها الزوراء بين دجلة والفرات ، ملعون من سكنها ، منها تخرج طينة الجبارين ، تعلى فيها القصور ، وتسبل الستور ، ويتعلون بالمكر والفجور ، فيتداولها بنو العباس ٤٢ ملكاً على عدد سني الملك ، ثم الفتنة الغبراء ، والقلادة الحمراء في عنقها قائم الحق ، ثم أُسفر عن وجهي بين أجنحة الأقاليم ، كالقمر المضيء بين الكواكب. 


ألا وإن لخروجي علامات عشرة ، أولها تحريق الرايات في أزقة الكوفة ، وتعطيل المساجد ، وانقطاع الحاج ، وخسف وقذف بخراسان ، وطلوع الكوكب المذنب ، واقتران النجوم ، وهرج ومرج وقتل ونهب ، فتلك علامات عشرة ، ومن العلامة إلى العلامة عجب ، فإذا تمت العلامات قام قائمنا قائم الحق. .


ثم قال : معاشر الناس نزهوا ربكم ولا تشيروا إليه ، فمن حدَّ الخالق فقد كفر بالكتاب الناطق ، ثم قال : طوبى لأهل ولايتي الذين يقتلون فيَّ ، ويطردون من أجلي ، هم خُزَّان الله في أرضه ، لا يفزعون يوم الفزع الأكبر ، أنا نور الله الذي لا يطفى ، أنا السر الذي لا يخفى (١) .