خبر الواحد : هو ما لم يبلغ حد التواتر ، سواء كثرت رواته أو قلَّت ، المشهور بين العلماء التعبد والعمل بخبر الواحد وحجيته ، وخالف المشهور السيد المرتضى وابن إدريس رحمهما الله ، والبعض قال إذا احتف بقرائن أفادتهم وثوقاً بصدوره عن المعصوم ، كما ذهب إلى ذلك صاحب المعالم حيث قال:
(خبر الواحد : هو ما لم يبلغ حد التواتر ، سواء كثرت رواته أم قلَّت ، وليس شأنه إفادة العلم بنفسه ، نعم قد يفيده بانضمام القرائن إليه . وزعم قوم أنه لا يفيد العلم ، وإن نصبت إليه القرائن) (۱) حيث ذهب في حجية خبر الواحد شريطة انضمام القرائن إليه ، أما بنفسه فلا يفيد.
فالمشهور عند علمائنا المتقدمين والمتأخرين العمل به ؛ فمن المتقدمين الشيخ الطوسي رضوان الله عليه ، حيث قال في كتابه العدة:
(ومما يدل أيضاً على صحة ما ذهبنا إليه ، أنّا وجدنا الطائفة ميزت الرًجال الناقلة لهذه الأخبار ، ووثقت الثقات منهم ، وضعفت الضعفاء ، وفرقوا بين من يعتمد على حديثه وروايته ، ومن لا يعتمد على خبره ، ومدحوا الممدوح منهم وذموا المذموم ، وقالوا فلان متهم في حديثه ، وفلان كذاب ، وفلان مخلط ، وفلان مخالف في المذهب والاعتقاد ، وفلان واقفي ، وفلان فطحي ، وغير ذلك من الطعون التي ذكروها ، وصنفوا في ذلك الكتب ، واستثنوا الرّجال من جملة ما رووه من التصانيف في فهارسهم ، حتى إن الواحد منهم إذا أنكر حديثاً نظر في إسناده وضعَّفه برواته . .
هذه عادتهم على قديم الوقت وحديثه لا تنخرم ، فلولا أن العمل بما يسلم من الطعن ويرويه من هو موثوق به جائز ، لما كان بينه وبين غيره فرق ، وكان يكون خبره مطروحاً مثل خبر غيره ، فلا يكون فائدة لشروعهم فيما شرعوا فيه ، من التضعيف والتوثيق وترجيح الأخبار بعضها على بعض ، وفي ثبوت ذلك دليل على صحة ما اخترنا) (٢).
أما المتأخرون - إن لم نقل الإجماع - فالمشهور عنهم العمل بخبر الواحد ، وإلا قلنا بانسداد باب العلم في الأحكام إن لم نأخذ بخبر الواحد ، فيلزم العسر والحرج المرفوع عن هذه الأمة المرحومة ، وتعطيل آلاف الأحاديث المروية عن المعصوم (عليه السلام).