من المعروف بنص القرآن أن الأولاد من الذكور والإناث والأبوين يحجبون الاخوان والأخوات ، والأخوات والإخوان يحجبون الأعمام والعمّات ، فذكر في مباحث الإرث في الكتب الفقهية والرسائل العملية للمراجع ما خلاصته ، موجبات الميراث شيئان : النسب والسبب :
أما النسب فله ثلاث مراتب ، ولا يرث واحد من المرتبة الثانية بوجود الأولى ، ولا من الثالثة بوجود الأولى والثانية :
الأولى : الأبوان والأولاد فنازلاً .
الثانية : الأجداد والجدات وآباؤهما وأمهاتهما فصاعداً ، والإخوان والأخوات وأولادهما ذكوراً وإناثاً .
الثالثة : الأعمام والأخوال ، وأعمام الأبوين وأخوالهما ، وأعمام الأجداد وأخوالهم وأولادهم .
وأما السبب فأربعة : الزوجة ، وولاء العتق ، وولاء الضامن ، وولاء الإمام (عليه السلام) ، والزوجة تجامع عموم الوارث مع كل مرتبة .
هذا التوزيع ينص عليه الكتاب وروايات أهل البيت (عليهم السلام) ، أما إخواننا السنة الذين لا يأخذون عن أهل البيت (عليه السلام) ، بل يأخذون من المذاهب الأربعة ، عندهم أن العم يجامع البنت أي يرث العم مع البنت ، مع أن العم في آخر طبقة للإرث ، والإخوان والأخوات هم أقرب من العمر، فكيف بالأولاد من الذكور والإناث ، وهذا خلاف السنة والعقل ، على كل حال كلٌّ ورأيه .
قال هارون : فلمَ ادعيتم أنكم ورثتم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ؟ والعم يحجب ابن العم ، وقبض رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وقد توفي أبو طالب قبله ، والعباس عمه حي ؟ .
فقلت له : إن رأى أمير المؤمنين أن يعفيني من هذه المسألة ، ويسألني عن كل باب سواه يريده ،
فقال : لا ، أو تجيب .
فقلت : فآمنّي؟
قال : قد آمنتك قبل الكلام
فقلت : إن في قول علي بن أبي طالب (عليه السلام) إذ ليس مع ولد الصلب ذكراً كان أو أنثى لأحد سهم إلا للأبوين والزوج والزوجة ، ولم يثبت للعم مع ولد الصلب ميراث ، ولم ينطق به الكتاب ، إلا أن تيماً وعدياً وبني أمية قالوا :
العم والد رأياً منهم بلا حقيقة ، ولا أثر عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) .
ومن قال بقول علي (عليه السلام) من العلماء قضاياهم خلاف قضايا هؤلاء ، هذا نوح بن دراج يقول في هذه المسألة بقول علي (عليه السلام) وقد حكم به ، وقد ولاه أمير المؤمنين المصرين الكوفة والبصرة ، وقد قضى به ، فأنهي إلى أمير المؤمنين فأمر بإحضاره وإحضار من يقول بخلاف قوله ، منهم سفيان الثوري ، وإبراهيم المدني والفضيل بن عياض ، فشهدوا أنه قول علي (عليه السلام) في هذه المسألة ،
فقال لهم -فيما أبلغني بعض العلماء من أهل الحجاز- فلمَ لا تفتون به ، وقد قضى به نوح بن دراج؟
فقالوا جسُر نوح وجبنّا ، وقد أمضى أمير المؤمنين قضيته بقول قدماء العامة عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال :
عليٌّ أقضاكم ،
وكذلك قال عمر بن الخطاب علي أقضانا ، وهو اسم جامع لأن جميع ما مدح به النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أصحابه من القراءة والفرائض والعلم داخل في القضاء .
قال : زدني يا موسى ،
قلت : المجالس بالأمانات وخاصة مجلسك؟
فقال : لا بأس عليك
فقلت : إن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يورث من لم يهاجر ، ولا أثبت له ولاية حتى يهاجر
فقال : ما حجتك فيه ؟
قلت : قول الله تبارك وتعالى :
{وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهاجِرُوا ما لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهاجِرُوا} وإِن عمي العباس لم يهاجر،
فقال لي : أسألك يا موسى هل أفتيت بذلك أحداً من أعدائنا ؟ أم أخبرت أحداً من الفقهاء في هذه المسألة بشيء؟
فقلت : اللهمَّ لا ، وما سألني عنها إلا أمير المؤمنين .