حقيقة الجن

حقيقة الجن


أقول أما حقيقة الجن ، فهي ما ذكرنا من أنها إشراق نور حقيقة الإنسان ، المشرقة من نور حقيقة الأنبياء ، المشرقة من (١) الحقيقة المحمدية صلى الله عليها (۲) .


وهذا الإشراق وإن كان عرضياً ، بالنسبة إلى مبدئه ، قائما به قيام صدور ، لا عروض (۳) كالأعراض المصطلحة عند الحكماء ، لكنه ذاتي بالنسبة إلى رتبة ذاته ، ألا ترى شعاع الشمس ، فانه عرضي بالنسبة إلى الشمس ، لكنه ذاتي بالنسبة إلى مقام نفسه ، وقولنا عرضي ، مرادنا انه قائم بالغير (١) ، لأن الحق عند أهل الحق ، أن كلما قام بالغير عرض ، وكلما قوّم الغير جوهر (۲) وذلك في الإمكان ، بحكم الاقتران ، والله سبحانه ليس بجوهر ولا عرض .


والقيام على أربعة أقسام :

- قيام صدوري : كقيام الشعاع بالشمس

- وقيام عروضي : كقيام البياض بالجسم

- وقيام تحققي (۳) : كقيام الجزء من حيث هو بالكل وبالعكس ، وقيام الصورة بالمادة

  • وقيام ظهوري : كقيام ظهور نور الشمس بالأرض 


فإذا أطلقنا العرض نريد به أحد هذه الوجوه ، فحقيقة الجن نور إشرق من حقيقة الإنسان ، فهي من حيث هي نور ، لكنه بالنسبة إلى أفراده وأشخاصه ، ينصبغ بصبغها ، ويجري عليه حكمها ، فإن الحكم على المادة ، إنما هو على حسب ما يلحقها من الصورة ، وهي من حيث هي لا حكم لها ، من أحكام الصورة ، ألا ترى الماء النازل من السماء ، فأنه طهور في نفسه ، عذب في ذاته ، لكنه يجري في الأرض ، وما يقع عليه ، فيقع عليه أحكامها (٤) فكان سماً في الأفعى ، ومراً في الحنظل ، وحلواً في السكر ، ومقوياً ومفرحاً في اللؤلؤ ، وكذلك (٥) الجن ، فإن اختلاف مراتبهم وأحوالهم ، في الحسن والقبح لا ينافي كونهم من نور حقيقة الإنسان .