الإعتقاد بمقامات المعصومين (ع) شرط في التقليد

الإعتقاد بمقامات المعصومين (ع) شرط في التقليد

بسم الله الرحمن الرحيم


[س] ما التأثير والفائدة ، من اشتراط الإعتقاد بمقامات المعصومين ، في التقليد للمرجعية ، مع العلم أن الاستدلال الفقهي ليس له صلة بالأمور العقائدية ؟ مع الدليل


[ج] اشتراط الوقوف على النمط الأوسط ، في الإعتقاد بمقامات الأئمة (ع) في التقليد ، كاشتراط البعض الأعلمية في التقليد ، مع العلم من تعذر القطع بكون المرجع الفلاني هو أعلم العلماء ، لأنه إلى الآن لم تجر عملية اختبار حقيقي لجميع المراجع ، حتى يعلم هذا من ذاك ، عله باليمامة أو الحجاز موجود من لا يعلم به ، نعم هناك دعاوي من هنا وهناك ، الكل يدعي الأعلمية لصاحبه ، فهذا الإدعاء إن كان عن قطع ويقين ، واختبار لكل مرجع على حده فبها ونعمت ، وأنى يتحقق ذلك ، من زمن الغيبة الكبرى إلى الآن وإن كان عن نظرة فردية ، وإعتقاد شخصي ، فيسقط اشتراط الأعلم ، لأن الكل يدعي الأعلم لصاحبه ، ولا يمكن ترجيح جهة على جهة ، بلا مرجع قطعي ، بالظنون والفوضى والقوة ، لأن العقل يقول إما موجود أو معدوم ، بهذا اللحاظ الخاص حيث إن معنى الأعلم من أفعل التفضيل في اللغة ، وهو لا يكون إلا على واحد لا تعدد فيه ، وإلا سقطت كلمة أعلم ، وأبدلت مكانها ، المناسب لي خاصة ، هذا دون غيره ، وعلى هذا يكون الكل مناسب ، كل على نظره بيد أن اشتراط الوقوف على النمط الأوسط في اشتراط المرجعية ، غير متوقف على واحد ، خلاف اشتراط الأعلمية بمعناها الخاص . 


قال جدي آية الله المعظم الإمام المصلح الميرزا حسن ، ووالدي آية الله خادم الشريعة الميرزا عبد الرسول الإحقاقي قدس الله أرواحهما :

(قال تعالى : {فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} (۱) 

وقال عز من قائل :

{فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} (۲) ، 


وقال إمامنا الصادق (ع) : 

«انظروا إلى رجل منكم روى حديثنا ، ونظر في حلالنا وحرامنا ، وعرف أحكامنا ، فارضوا به حكماً ، فإني قد جعلته عليكم حاكماً ، وإذا حكم بحكمنا فلم يقبل منه ، فكأنما بحكم الله استخف وعلينا رد ، والراد علينا كالراد على الله ، وهو على حد الشرك» (۳) ، 


وقال إمامنا العسكري (ع) : 

«فأما من كان من الفقهاء صائنا لنفسه ، حافظا لدينه ، مخالفا لهواه ، مطيعا لأوامر مولاه ، فللعوام أن يقلدوه» (٤) .


وقال إمامنا المنتظر عجل الله فرجه :

«أما الحوادث الواقعة ، فارجعوا فيها إلى رواة أحاديثنا ، فإنهم حجتي عليكم ، وأنا حجة الله» (۱) 


فلا يشم من هذه الأوامر رائحة الوحدة والأعلمية ، وكلها صريحة في عدمها ، وأن تشخيص الأعلم ممتنع عادة أو متعسر جداً ، وكيف يمكن تشخيص الواحد من بين العلماء والمجتهدين ، مع كثرتهم وتفرقهم في الأمصار والأقطار؟ والحال أنهم ما اتفقوا في أعلمية المقيمين في النجف الأشرف أو ببلدة قم مثلاً ، بل كل من المراجع فيها يدعي الأعلمية ، وتلامذته من حاشيته ، يعلنون بأعلمية صاحبهم ، وهذه نعراتهم قد صمت الآذان ، هل ترى أنهم لا يعملون بما يقولون ويخالفون آراءهم؟ أو لامتناع التشخيص كما نقول ؟ وعلى أي حال هذه الأمة المرحومة ، في سعة من هذه التضييقات التي أتتنا من الآراء ، التي صعبت هذه الشريعة السهلة السمحاء ، وليس من العقل ولا من الإنصاف أن نضيق على أنفسنا ، ما وسعه الله وخلفاؤه علينا ، بل أمرونا بالرجوع إلى كلام الأعدل ، كما في أخبارهم صلوات الله عليهم ، نعم إن اتفق أهل الفن جميعاً ، من دون اختلاف على أعلمية أحدهم ، وأعلنوا على ما اتفقوا عليه ، فالأولى حينئذ تقليد الأفضل مع وجود الفاضل ، وحكم العقل بذلك واضح ، إذا اجتمع فيه سائر الشروط ، وأنى لهم بذلك !! وهلا يوجبون تقليد العادل والأعدل ، والزاهد والأزهد ، والأتقى والأورع !! في هذا العصر المنفور ، الذي سماه أهله بعصر النور ، كتسمية الزنجي بالكافور) (١) . 


ثانيا من يقول إن الأمور الشرعية لا علاقة لها بالأمور العقائدية؟ هذا كلام خال عن الصواب ، فمن تتبع كلمات الأصحاب في بول ودم النبي صلى الله عليه وآله ، وجد من أكابر الأصحاب أفتى بالنجاسة ، وانتقدوا الإمام الشافعي السني ، الذي أفتى بطهارة بول النبي صلى الله عليه وآله لما شربته أم أيمن ، مع نص آية التطهير على الطهارة المطلقة .


قال الشيخ الجوهري ((الأول والثاني) *مسمى* (البول والغائط) *عرفاً ، فبعض الحب الخارج من المحل صحيحا غير مستحيل طاهر ، لعدم الصدق ، ولعله يرجع إليه ما في المنتهى من اشتراط طهارته ببقاء صلابته بحيث لو زرع لنبت دون ما لم يكن كذلك وإلا كان ممنوعا ، إذ المعتبر كما في نحوهما من الألفاظ مسماهما عرفا *(من) * كل * (ما لا)* يجوز أن *(يؤكل لحمه) *من سائر أصناف الحيوان حتى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من الإنسان ، إذ لم يثبت أنه أقر أم أيمن على شرب بوله ، وإن قيل إنه قال (صلى الله عليه وآله وسلم) لها : «إذن لا تلج النار» بطنك فما عن الشافعي في قول له بطهارته لذلك غير صحيح) (٢) .


وقال العلامة الحلي رضوان الله عليه (الأقرب نجاسة بول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وغائطه ، للعموم ، وروي أن أم أيمن شربت بوله ، فقال «إذن لا تلج النار بطنك») (۳)


لذا بعض الفقهاء يفتي بجواز الصلاة أمام الإمام المعصوم في مراقدهم المباركة ، بشرط عدم الاستخفاف ، والمشهور عدم الجواز ، لأن حرمتهم أموات كحرمتهم أحياء ، كما لا يجوز التقدم عليهم حال حياتهم ، كذلك بعد مماتهم ، والبعض ينكر الولاية التكوينة المطلقة للمعصوم (ع) ، مع إطلاق الولاية للمعصوم (ع) ، مع عطف الولي بحرف الواو المفيد لمطلق الجمع ، والولاية الثابتة لله عز وجل ، ثابتة للرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ، والثابتة للرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ثابتة للولي (ع) ، نعم النبي والولي صلى الله عليهما وآلهما بإذن الله تعالى قال تعالى :

{إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ ءَامَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَوٰةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ} 

وغير ذلك مما يطول فاشتراط الوقوف على النمط الأوسط ، لا غالي ولا قالي ، في المرجعية ليس دليلاً عقلياً کاشتراط الأعلمية ، بل هو نص روايات أهل البيت (ع) ، 


كما روي في التوحيد للشيخ الصدوق (رحمه الله) قال : حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل الله ، قال : حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن عبد العزيز ، عن ابن أبي يعفور ، قال : قال أبو عبد الله (ع) : 

«إن الله واحد ، أحد ، متوحد بالوحدانية ، متفرد بأمره ، خلق خلقاً ففوض إليهم أمر دينه ، فنحن هم يا ابن أبي يعفور نحن حجة الله في عباده ، وشهداؤه على خلقه ، وأمناؤه على وحيه ، وخزانه على علمه ، ووجهه الذي يؤتى منه ، وعينه في بريته ، ولسانه الناطق ، وقلبه الواعي ، وبابه الذي يدل عليه ، ونحن العاملون بأمره ، والداعون إلى سبيله ، بنا عرف الله ، وبنا عبد الله ، نحن الأدلاء على الله ، ولولانا ما عبد الله» (۲) .


وروي في زيارة الإمام الحسين (ع) :

«من أراد الله بدأ بكم ، من أراد الله بدأ بكم ، من أراد الله بدأ بكم ، بكم يبين الله الكذب ، وبكم يباعد الله الزمان الكلب ، وبكم يفتح الله ، وبكم يختم الله ، وبكم يمحو الله ما يشاء ، وبكم يثبت ، وبكم يفك الذل من رقابنا ، وبكم يدرك الله ترة كل مؤمن ومؤمنة تطلب ، وبكم تنبت الأرض أشجارها ، وبكم تخرج الأشجار أثمارها ، وبكم تنزل السماء قطرها ، وبكم يكشف الله الكرب ، وبكم ينزل الله الغيث» (١) .


وأما الزيارة الجامعة الكبيرة المروية عن الإمام علي الهادي (ع) ، ففيها كفاية المقال ، ومنتهى المآل ، فما وراء عبادان قرية وهذا لا يعني أن من لم يعتقد بهذه المقامات العاليات للمعصومين (ع) ، خارج عن دائرة الولاية والعياذ بالله ، فالكل في فلك الولاية ، والعاقبة الخلود في الجنة ، ولكن كما قال تعالى :

«ولكل درجات مما عملوا وما ربك بغافل عما يعملون» (۲) في المحاسن عنه ، عن القاسم بن يحيى ، عن جده الحسن بن راشد ، عن أبي بصير قال : قال أبو عبد الله (ع) : 

«والله ما بعدنا غيركم ، وإنكم معنا في السنام الأعلى ، فتنافسوا في الدرجات» (۳) .


فالكل إلى خير مع عدم إقصاء الآخرين ، واحترام الرأي والرأي الآخر ، ويكون الحوار هي اللغة الرسمية فيما بيننا والسلام .