الصفات الذاتية عين الذات بلا اختلاف
منها قال الشيخ أحمد الأحسائي إن الصفات الذاتية عين الذات ، بلا اختلاف لا في المصداق ولا المفهوم ولا حتى الإعتبار الذهني كما نص على ذلك بقوله :
(لأن القدم والأزل والدوام الأبدي ، والأولية بلا أول بالذات ، والآخرية بلا آخر بالذات شيء واحد ، بلا مغايرة لا في الذات ولا في الواقع ، ولا في المفهوم ، وإلا لكان تعالى شأنه متعددا مختلفا فيكون حادثا ، وأما اختلافها في المفهوم فهو المفهوم اللفظي الظاهري المستعمل لتفهيم عوام المكلفين ، ولا يراد من هذه الألفاظ المتعددة المختلفة إلا مفهوم واحد يقصد منه معنى واحد ، وإلا لكن معروفا بالكثرة والاختلاف ، ومن كان كذلك فهو حادث)(٢)
قوله (اختلافها في المفهوم فهو المفهوم اللفظي الظاهري المستعمل لتفهيم عوام المكلفين) أي إن كلمة السمع كلفظ غير والبصر كلفظ ، وهذا الاختلاف لتفهيم العوام أنه سميع لأنه يسمع الخلائق وبصير أنه يبصرها فقط ، لا أن سمعه وبصره في الذات مختلفان في الواقع أو الإعتبار الذهني في الذات ، فهما شيء واحد في الذات وهذا الاختلاف للتفهيم فقط ، واستدل على دعواه بعينية الصفات الذاتية : من السمع والبصر والعلم والقدرة والحياة والقدم وغيرها بقول الإمام جعفر بن محمد الصادق روي عن هشام بن الحكم قال في حديث الزنديق الذي سأل أبا عبد الله (ع) أنه قال له أتقول : أنه سميع بصير ؟ «فقال أبو عبد الله (ع) : هو سميع بصير سميع بغیر جارحة ، وبصير بغير آلة ، بل يسمع بنفسه ويبصر بنفسه ، وليس قولي : أنه يسمع بنفسه أنه شيء والنفس شيء آخر ، ولكني أردت عبارة عن نفسي إذ كنت مسؤولاً ، وإفهاماً لك إذ كنت سائلا ، فأقول : يسمع بكله ، لا أن كله له بعض ، ولكني أردت إفهامك والتعبير عن نفسي وليس مرجعي من ذلك إلا أنه السميع البصير العالم الخبير بلا اختلاف الذات ولا اختلاف المعنى» (۱) .
أما غير الشيخ أحمد الأحسائي قالوا إن الصفات الذاتية مختلفة في المفهوم أي إن مفهوم السمع غير البصر في الذات وهكذا في بقية الصفات الذاتية ، كل صفة غير الأخرى في المفهوم في الذات ، كما قال بعضهم (فهذه الأسماء والصفات وإن كانت متحدة مع ذاته تعالى بحسب المعنى والمفهوم) (۲) .
فيرى هذا الفيلسوف أن كل صفة غير الأخرى في المفهوم ، نعم يكون كلامه في الحادث صحيح ، أما في الواجب يقتضي التعدد ، إذ روي روايات كثيرة على أن أسماء وصفات الحق تعالى إنما هي تعبير للخلق بأنه يسمع ويبصر ويقدر لا غير ذلك ، وهكذا فروي عن الإمام علي بن موسى الرضا (ع) : «فأسماؤه تعبير ، وأفعاله تفهيم ، وذاته حقيقة» (۳) فلولا هذه الصفات والأسماء لما علمنا صفات الجليل سبحانه .