خادم الشريعة الغراء آية الله المعظم المجاهد
الحاج ميرزا عبدالرسول الحائري الإحقاقي قدس سره
النور والحياة
بسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين حبيب قلوبنا وطبيب نفوسنا أبي القاسم محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين الذين اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين آمين رب العالمين.
«اتقّوا فراسة المؤمن ، فإنه ينظر بنور الله» .
كل فرد عمل على تصفية نفسه وتخليصها من الشوائب ، فإنه يجعلها مستعدة لتقبل الفيض الإلهي والنور السرمدي ، وبذلك يصبح مظهراً لصفات الحق ، ويكون وعيه لعظمة الإبداع والخلق أكبر .
والنوع الإنساني هو أعظم مظاهر الأنوار الربّانية ، وأصفى المرائي السبحانية ، مع هذا الفارق ، وهو أن الأجسام الأخرى وإن كانت مظاهر للنور إلاّ أنها تعكس الضياء على العالم المادي فقط ، ولكن الحقائق البشرية تستطيع إضاءة الصور والمعاني كليهما من أشعة طلعتها البهيّة .
هل يمكن أن يكون الصخر والزيت والفتيل والقمر والسمك والنجم والشمس مظاهر للنور ، ولا تكون أنت؟
هل يمكن التصديق بأنَّ الجماد والنبات والحيوان مراكز لانتشار أشعة التوحيد وتُستثنى من ذلك ؟
هل يعقل أن لا يكون لخليفة الله في الأرض ، هذه الجوهرة المشعّة قسط من نور الوجود؟
أجل، فإنَّ القسط الأوفر من أنوار الوجود مودعٌ في باطن الإنسان .
إنَّ مركز انتشار النور في الإنسان هو المخ ، ويتشكَل هذا النور بأشكال وصور مختلفة حسب اختلاف الأجهزة والآلات .
فالعين والأذن واللسان وسائر المراكز الحسّية مظاهر لهذه الشمس الإنسانية ، شأنها في ذلك شأن التيار الكهربائي ، ومحطة توليد الطاقة حيث تتشكل هذه الطاقة بأشكال مختلفة ، فتارة تبعث الضياء كالمصابيح ، وتارة تبعث الحرارة كالطباخ ، وأخرى تكوي ، ورابعة تستقبل الأمواج ...
وهكذا تتشكل بصور الثلاجة والطباخ والمروحة والمبردة والمكواة والمسجل ، ولكن الجميع يحكي عن حقيقة واحدة هي التيار الكهربائي .
إن السلسلة العصبية في جسم الإنسان تشبه أسلاك الكهرباء ، فإنها ممدودة من المخ أو المخيخ والنخاع الشوكي إلى جميع أجزاء البدن ، وترتبط بكل الأعضاء والجوارح مادّة إياها بالطاقة .
هذه القوة الحاكية لإبداع الخالق موجودة في كيان كل الموجودات الحية ، ومن بينها الإنسان ، ومحدودة بحدود ...
ولكن الإنسان يستطيع - في ظل الرياضة والتدريب أن يزيح ستائر الجهل ، ويتجاوز مراحل البهيمية .
ويصبح مصدر ضياء وإشعاع ، ويسلّط الأضواء على ذرّات الوجود في أعماق المحيطات ويطّلع على الأسرار ، ويتعلم رموز الإنسانية ، وكنه الأدمية ، وبذلك يكون مصداقاً تاماً للنور والإضاءة ، ويضاهي نور الشمس في تلألئها .
«إتقوا فراسة المؤمن، فإنه ينظر بنور الله» .