قال الشهيد الثاني (رحمه الله) : (هو : ما بلغت رواته في الكثرة مبلغاً ، أحالت العادة تواطؤهم - أي : اتفاقهم - على الكذب ، واستمر ذلك الوصف ، في جميع الطبقات حيث يتعدد ، بأن يرويه قوم عن قوم ، وهكذا إلى الأول ، فيكون أوله في هذا الوصف كآخره ، ووسطه كطرفيه ، ليحصل الوصف : وهو استحالة التواطؤ على الكذب ، للكثرة في جميع الطبقات المتعددة) (١).
أي ما رواه عدد كثير من الرواة ، يستحيل في العادة تواطؤهم على الكذب ، عن مثلهم ، ومستند خبرهم الحس.
- وقد ذُكرت للحديث المتواتر شروط منها:
١- أن يرويه عدد كثير من الرواة ، بحيث يستحيل عادة أن يتفقوا على الكذب في هذا الحديث.
٢- أن تكون هذه الكثرة من الرواة في جميع طبقات السند.
٣- أن يعتمدوا في خبرهم على الحس ، وهو ما يدرك بالحواس الخمس من مشاهدة أو سماع أو لمس ، كقولهم سمعنا أو رأينا بأعيننا ، أما إذا كان خبرهم عن الظن والتخمين ، أو مستندهم العقل أو الحدس والرأي الخاص ، فلا يعتبر بنقلهم وخبرهم ، ولا يعتبر خبراً متواتراً وإن كثر الرواة إلى الآلاف.
- والمتواتر ينقسم إلى قسمين:
أ - متواتر لفظي : وهو ما تواتر لفظه ومعناه مثل حديث الغدير ، قول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في علي أمير المؤمنين (عليه السلام): (من كنت مولاه فعلي مولاه) (۱)
وحديث المنزلة : (أنت مني بمنزلة هارون من موسى) (۲) (علي مع الحق والحق مع علي) (٣).
وحكم الحديث المتواتر أنه يفيد العلم الضروري اليقيني ، الذي يضطر الإنسان إلى التصديق به تصديقاً جازماً ، فتصدق به كأنك رأيت بنفسك ، لا حاجة بك إلى قرينة أو دليل آخر.
ب - متواتر معنوي : وهو ما تواتر فيه معنى الحديث وإن اختلفت ألفاظه.
وذلك بأن ينقل جماعة من الرواة يستحيل تواطؤهم على الكذب ، في وقائع مختلفة في قضايا متعددة ، ولكنها تشترك في أمر معين ، فيتواتر ذلك القدر المشترك.
مثل ولادة علي أمير المؤمنين (عليه السلام) في وسط الكعبة ، وكذا الوقائع والحروب التي خاضها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأمير المؤمنين (عليه السلام) ، وسيرة الأئمة المعصومين (عليهم السلام) … والكثير الكثير من ذلك.