هو الحديث الذي في طريقه ضعف ، ولكن الأصحاب قبلوه وعملوا بروايته ، كمقبولة عمر بن حنظلة في حال المتخاصمين التي عليها مدار الفقهاء في الفتوى والحكم:
محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن محمد بن عيسى ، عن صفوان بن يحيى ، عن داود بن الحصين ، عن عمر بن حنظلة قال:
(سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجلين من أصحابنا بينهما منازعة في دَيْن أو ميراث فتحاكما إلى السلطان وإلى القضاة أيحل ذلك؟
قال : من تحاكم إليهم في حق أو باطل فإنما تحاكم إلى الطاغوت ، وما يحكم له فإنما يأخذ سحتاً ، وإن كان حقاً ثابتاً له ، لأنه أخذه بحكم الطاغوت ، وقد أمر الله أن يكفر به ؛ قال الله تعالى:
{يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَن يَكْفُرُوا بِهِ} (٢).
قلت : فكيف يصنعان؟
قال : ينظران [إلى] من كان منكم ممن قد روى حديثنا ونظر في حلالنا وحرامنا وعرف أحكامنا فليرضوا به حَكَماً فإني قد جعلته عليكم حاكماً فإذا حكم بحكمنا فلم يقبله منه فإنما استخفّ بحكم الله وعلينا ردّ ، والرادّ علينا الرادّ على الله وهو على حد الشرك بالله . .
قلت : فإن كان كل رجل اختار رجلاً من أصحابنا فرضيا أن يكونا الناظرين في حقهما ، واختلفا في ما حكما وكلاهما اختلفا في حديثكم؟.
قال: الحكم ما حكم به أعدلهما وأفقههما وأصدقهما في الحديث وأورعهما ولا يلتفت إلى ما يحكم به الآخر، قال:
قلت : فإنهما عدلان مرضيّان عند أصحابنا لا يفضَّل واحد منهما على الآخر؟.
قال : فقال : ينظر إلى ما كان من روايتهم عنا في ذلك الذي حكما به ، المجمع عليه من أصحابك ، فيؤخذ به من حكمنا ويترك الشاذ الذي ليس بمشهور عند أصحابك ، فإن المجمع عليه لا ريب فيه ، وإنما الأمور ثلاثة:
أمر بيِّن رشده فيتَّبع ، وأمر بيِّن غيُّه فيجتنب ، وأمر مشكل يردّ علمه إلى الله وإلى رسوله ، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم):
حلال بيِّن وحرام بيِّن وشبهات بين ذلك ، فمن ترك الشبهات نجا من المحرمات ، ومن أخذ بالشبهات ارتكب المحرمات وهلك من حيث لا يعلم . .
قلت : فإن كان الخبران عنكما مشهورين قد رواهما الثقات عنكم؟
قال : ينظر ، فما وافق حكمه حكم الكتاب والسنّة وخالف العامة فيؤخذ به ، ويترك ما خالف حكمه حكم الكتاب والسنة ووافق العامة ،
قلت : جعلت فداك أرأيت إن كان الفقيهان عرفا حكمه من الكتاب والسنة ووجدنا أحد الخبرين موافقاً للعامة والآخر مخالفاً لهم بأي الخبرين يؤخذ؟ .
قال : ما خالف العامة ففيه الرشاد
فقلت : جعلت فداك فإن وافقهم الخبران جميعاً؟ .
قال : ينظر إلى ما هم إليه أميل ، حكامهم وقضاتهم فيترك ويؤخذ بالآخر . .
قلت : فإن وافق حكامهم الخبران جميعاً؟ .
قال : إذا كان ذلك فأرجه حتى تلقى إمامك ، فإن الوقوف عند الشبهات ، خير من الاقتحام في الهلكات) (١).
وهذه الرواية أُلحقت بالمقبولة لأن في طريقها محمد بن عيسى وداود بن الحصين وهما ضعيفان ، وغيرها من الروايات الأُخر.
قال الشهيد الأول : والمقبول ، وهو ما تلقوه بالقبول والعمل بالمضمون (۲).